هو يوم المرأة العالمي.
وبعيدًا عن الشعارات التي تجترّ كل سنة حول هذا اليوم، وكي لا أكرّر ما سيقوله العديد عن ان كل يوم هو يوم المرأة وما شابه، سأخبركم عن تلك المرأة التي فرضت نفسها قدوة لي في حياتي. علماً اننا لم نلتقِ شخصيّا ابدًا.
في 27 ايلول 2006 تكلمت شاشة تلفزيون الجديد عبر اثير حنين الاعلام اللبناني. وكنت انا في بداية مشوار الصحافة بعد تخرّجي من كلية الاعلام اللبنانية، أصارع لأجد مكاني بين الوسائل الاعلامية المكتوبة. أتساءل في كل ليلة ان كانت هذه حقًا المهنة التي أريدها.
أتساءل حتى ان كنت أنا مناسبة لها وليس العكس.
تخبّط وصراع لا يعيشه سوى القلّة منّا للأسف. وما أعنيه مرتبط بشكل مباشر بحسّ المسؤولية التي يجب ان يتمتّع بها كل صحفي وكل إعلامي وكل شخص يختار هذه المهنة. هذا التخبّط لم يأتِ من عدم، بل كان نتيجة التناقض الصارخ الذي كنت أشهده ما بين المبادئ التي تعلّمتها حول الصحافة وبين أرض الواقع الإعلامي وزواريبه المظلمة.
واقعٌ أوصلني في عدة مرات الى حدّ القول أن مكاني ليس في الحقل الاعلامي. واقعٌ جعلني أتأسّف على سنوات أربع قضيتها في الكليّة. واقعٌ حطّم أحلاماً كثيرة. الى ان تكلمت شاشة تليفزيون الجديد عبر أثير حنين الاعلام اللبناني.
في تلك الليلة، تكلمت الشاشة عبر صوت الاعلام الحقيقي. تكلمت عبر حوار راقي افتقدناه طويلاً، فرضه الضيف على المقدّم وليس العكس.
ليلة البارحة حصل الأمر نفسه وإنما على شاشة مختلفة.
البارحة تكلمت شاشة الـ MTV عبر صوت “سعاد قاروط العشي”. الوسيلة الاعلامية يجب ان تكون وسيلة لنشر المعلومات وللمصلحة العامة وللتغيير الايجابي في المجتمع ومن المعيب ان تكون غاية شخصيّة بالنسبة للاعلامي. هذه كلماتها منذ ستة عشر عامًا وهذا تمامًا ما قالته البارحة.
تكفي تلك الجملة وتُغني عن سنوات اربع في كلية الاعلام.
تكفي تلك الجملة كي تصبح هذه الامرأة، بالنسبة لي على الاقلّ، قدوة في حياتي المهنية.
والآن، لماذا هي امرأة عالمية؟
قد يسأل البعض. فهي لا تمتلك دكتوراه جامعية. كما أنها لم تدرس الاعلام حتى. لم تحصل على جائزة نوبل. لم تستلم مركزًا اداريّا عاليّا. وسيجدون مليون سببًا وسبب.
لا أعلم تمامًا ماذا يمكن ان تكون مواصفات الامرأة العالمية. ان كان هنالك من معايير محددة متفق عليها في المجتمع الدوليّ مثلًا.
هل هنالك قائمة بالشروط اللازم توافرها في المرأة ليطلق عليها لقب العالمية؟.
ربما!!.
أمّا بالنسبة لي يكفي ان تكون الامرأة صادقة مع نفسها وأشبه بمرآة شفّافة تعكس فعلًا ما داخل عقلها ونفسها بتناغم صريح وواضح مع تصرفاتها وحياتها. وهذا شيئ لا تستطيع “ايّ امرأة” فعله. وتلك التي تتمكّن ترتقي بطريقة اوتوماتيكية الى العالمية. ودون جميلتنا.
نهار الجمعة في 6 تشرين الاول 2006 كتبت في جريدة النهار اللبنانية مقالًا بعنوان ” في 27 ايلول 2006 تكلمت شاشة تلفزيون الجديد عبر اثير حنين الاعلام اللبناني”، واليوم أكتب هذه الكلمات بعد مشاهدة حلقة “عا غير كوكب” مع سعاد قاروط العشّي.
ُمرأة تقلب كل المقاييس في عقل أي شخص يفكّر في اختيار مهنة المتاعب تلك. ولأنها فرضت نفسها قدوة لي في حياتي، وتعلّمت منها ان الاعلامي الناجح هو الاعلاميّ الحرّ، وبالرغم من انها تستحق ان تكون اكبر من وزيرة، ولكن تمنيت لو انها طالبت بإلغاء وزارة الاعلام عند سؤالها عن الموضوع. وانما هذا نقاش آخر.
Leave a Reply