يرى أن الاعمال الكويتية هي المنافس الأول خليجياً رغم اختلاف مستوى ما يقدم
– كل المسلسلات العربية التي اعتمدت ورش الكتابة فشلت فشلاً كبيراً
– “الترند” كذبة العصر.. وإذا رغبت بتسمية من يقوم بالتزوير أنا على استعداد أن أسمي!
– الكوميديا الخليجية مربكة وارتجالية وتجارية ومنها يعتمد على التهريج
– من عجائب دراما الموسم تجاهل واقع الناس وعدم الاعتراف بمرض “الكورونا”
– أكثر المواسم الدرامية ذُبحت فيه المرأة هو هذا الموسم
– النجم الواحد لم يعد ينجح ويسوق العمل ولابد من المشاركة في البطولة
– المسلسل السوري “بعد عدة سنوات” ظلم تسويقياً وإخراجياً وكذلك المسلسل السعودي “الناموس”
حاوره – سعدالله محفوظ:
انتهى الموسم الدرامي لهذا العام، وانكشفت للجمهور كل تفاصيل وأحداث ما روج له قبل بدء عرض تلك الأعمال، وعلى الرغم من أن الجمهور بمعظمه كوّن فكرة عامة عما شاهده من مسلسلات وبرامج، فأعجب ببعضها، ورفض أخرى أو أبدى بعض الملاحظات عليها، إلا أن الحاجة إلى الرؤية البحثية النقدية الأكاديمية تبقى قائمة، وهي الأهم، لأنها تكون مبنية على معرفة ودراية بالعمل الفني وأدواته وتفاصيل عرضه، وليس على “بوستات” تكتب على وسائل التواصل الإجتماعي و”السوشيال ميديا” التي جعلت الكثيرين يظنون أنهم نقاد وكتاب. لهذا “النهار” التقت الباحث والناقد الإعلامي جهاد أيوب في حوار خاص ليلقي الضوء على زوايا أعمال الدراما لهذا الموسم خليجياً وعربياً ، ويلامس بشفافيته المعهودة وصراحته التي قد تكون جارحة للبعض، مؤشرات النجاح والفشل التي رافقت بعض الفنانين والفنانات خلال تقديم أعمالهم.. وإلى نص الحوار:
• كمتابع نشيط، وناقد باحث مسؤول، تقوم سنوياً بجهود واضحة ومضنية بمتابعة الدراما العربية في شهر رمضان، كيف تنظر إلى فضائياتنا ومشاهدنا؟
– استطاعت القنوات الفضائية العربية، وتحديداً الخليجية منها التحكم بنوعية ما تقدم للمشاهد، واختيار النجوم والمواضيع، ولم يعد يكترث المشاهد إلى غياب هذا النجم أو ذاك، أو إلى الموضوع الذي لا ينسجم مع حالة شهر رمضان، وتقاليده وعاداته…ما يعرض أصبح مفروضاً فرضاً خاصة أننا ومنذ عشر سنوات أصبح كل عربي يتابع قنواته الفضائية مهما كان مستواها، ومهما قدمت، وعرض ما لا يشبهه!
• هذا العام لم تتناول كل عمل بمقالة نقدية طويلة، بل اختزلت بملاحظة قصيرة ومشبعة، لماذا؟
– لأسباب كثيرة، منها أن المشاهد العربي لم يعد يحب القراءة، ويعطي قيمة ومتابعة للكتابات القصيرة جداً والمختزلة جداً، والمباشرة دون مواربة، يعشق أن يقرأ ويفهم ما قرأ بعد المشاهدة، خاصة أن كل المشاهدين أصبحوا نقاداً دون دراية، وذلك بسبب سهولة التواصل مع السوشال ميديا!
كما أن المنتج ومن هم من خلفه لا يهتمون بالنقد بقدر اهتمامهم بشراء أقلام بعض المطبلين!
وأيضاً غالبية القنوات العربية تتعمد عرض ما يخدم مصالحها ومصالح نظامها السياسي، ولا تهتم بمستوى ما تبثه، ولم يعد بالإمكان انفلات الدراما العربية من نير سياسة النظام الحاكم!
• هل تختزل لنا ما عرض من خلال بانوراما درامية؟
– وصل عدد الأعمال الدرامية العربية لشهر رمضان 2021 إلى أكثر من 84 عملاً منها اللبناني ثلاثة أعمال، والمشترك لبناني سوري أربعة أعمال، والمصري حوالي أكثر من 30 عملاً منها 19 عملاً يعرض على شاشات قنوات MBC وشاهد، و 13 عملاُ سورياً، و 34 عملاً خليجياً منها 25 عملاً كويتياً، و تسعة أعمال سعودية، وأعمال قليلة عراقية وتونسية الجزائرية لم يصل عددها أصابع اليد الواحدة !
ومن الواضح أن الأعمال السورية واللبنانية وحتى المصرية في تقلص رغم كم إنتاج هذه الأخيرة مع إنها في السنوات الماضية، وقبل ثورتها وحرب اليمن كان يصل إنتاجها إلى أكثر من خمسين عملاً!
• ما رايك ..بظاهرة ورش الكتابة الفنية الجماعية لنص زاحد؟
– هذا يضحكني، وللأسف يعود إلى فقدان الموهبة عند الكاتب واستعجال المنتج غير الفاهم للدراما وخصوصية كل كاتب، انا مع الورشة حول فكرة تعنى بكاركتر معين داخل العمل الذي تختلف حلقاته، أي كل حلقة لها خيوط درامية وقصة مغايرة مع الحفاظ على شخصيات العمل، اما الورشة في مسلسل واحد بحبكة معينة كما لو أنك تجعل من حبة القمح بأن تثمر البطيخ والفجل!
هذا هو الإفلاس الفكري، والدليل كل المسلسلات العربية التي اعتمدت الورش فشلت فشلاً كبيراً وآخرها الهيبة- الرد !
• باتت السوشيل ميديا تصنع نجوماً، كيف ينظر الناقد جهاد ايوب الى السوشيل ميديا بشكل عام ونجومها بشكل خاص؟
– هذا يزيد العباطة والهبل في مجتمعاتنا، والدليل بعض البرامج اعتمدت على استضافتهم كنجوم فكانت النتيجة مسخرة، وضحكنا عليهم مطولاً…نجومية من دون ثقافة وموهبة كالحمار يحمل الكتب ولا يقرأ!
• وماذا عن سباق (الترند) على السوشيل ميديا لبعض الاعمال الدرامية، ولبعض الفنانين، وهل كان منصفاً..بمعنى هل كل ترند حقيقة؟
– ليس كل ترند حقيقة، وإذا رغبت بتسمية من يقوم بالتزوير انا على استعداد أن اسمي!!
هذه كلها لإرضاء عقد نفسية عند من تنقصه الموهبة ومعه المال، أو صديقه وصديقته معها المال والسلطة…العمل الجيد يفرض نفسه وكذلك الفنان…صحيح نحن في زمن مختلف ولكن بالله عليك من منهم حقق ما حققه عبد الحسين عبد الرضا وصباح وام كلثوم وحياة الفهد وسعد الفرج وشو شو وعبد الحليم وفريد وسعاد عبدالله؟
من يعتمد على الترند، هو يبني نجومية رغوة الصابون…الترند كذبة العصر!
الخليجي والملاحظات
• وماذا خليجياً؟
– رغم الوضع الاقتصادي الخليجي وكذلك الاجتماعي نجد أن صناعة الاعمال الدرامية في الخليج تتصاعد، وبتزايد، وهي كم على حساب الكيف، ووجدنا اهتماماً كبيراً من السعودية بشكل خاص، ومن ثم الإمارات بإنتاج تحدد هي معالمه، وخط سيره، والابطال المشاركين، ويضعون الفيتو على هذا النجم أو ذاك!
أما الكويت فهي من طلائع العاملين على الإنتاج الفني الخليجي، لذلك يتصاعد انتاجها، وأحيانا يخفت، وتبقى هي المنافس الأول خليجياً مهما اختلفنا على مستوى ما يقدم، لكنها تسويقياً لم تعد قادرة على منافسة السوق السعودي والإماراتي، وما يميز الكويت تجاهل البعد السياسي عن انتاجها، والاكتفاء بضوابط معينة تحددها وزارة الإعلام، وانصح نجوم الكويت بوضع ضوابط مع وزارة الإعلام تخدم الدراما الكويتية خارج المكاسب المالية فقط، وأن يختاروا المواضيع التي تشبه مجتمعهم، فالانفصام لا يزال هو الغالب في اختيار النصوص، وأحياناً نجد النص ينتمي إلى بيئة عربية مغايرة بلباس كويتي، هذا لم يعد مسموحاً، كما أن بعض النجوم استهلكت وعليها الإستراحة والتروي والمراقبة والعودة بما يناسبها عمراً وحضوراً !
• وما هي ملاحظاتك بشكل عام؟
– العامل المشترك بين جميع نتاجات العرب في دراما هذا الموسم “النكد” وسمات البدن، وغياب فكرة الأسرة الجامعة، وتثبيت استقلالية الفرد من خلال تطاوله على أهله وعائلته، وتغييبها عن أخذ قرارات تعنى بمستقبله، والعجيب أن الأعمال الكويتية بعضها كان شريكاً بذلك، وتجاهل الأعمال الكوميدية والإكتفاء بعمل أو ثلاثة، وتغييب الأعمال الدينية كلياً، ربما لآنها تحتاج إلى متخصصين ووقت وجهود غير استهلاكية ساذجة!
ولم نشاهد الأعمال التطبيعية مع الكيان الصهيوني كما العام الماضي، وأغرقت باقتحامها سياسة الانحلال الأخلاقي والاجتماعي…للأسف!
ومن عجائبها وغرائبها أيضاً تجاهل واقع الناس، وعدم الاعتراف بمرض “الكورونا”، ولم يتم التطرق لهذا الوباء إلا من خلال عمل سعودي يتيم يعتمد على الكوميديا بسخرية، والباقي بغالبيته قتل واجرام، ومشاهد شرب الخمور، وحوارات البار!
• هل تم تصوير المراءة العربية بالشكل الصحيح في دراما هذا الموسم؟
– للأسف أكثر المواسم ذبحت فيه المرأة هو هذا الموسم، فهي قاتلة، لا قيمة لديها ولعائلتها، تاجرة مخدرات، تعشق وتتزوج في وقت واحد أكثر من رجل، جعلوها إمرأة غاوية همها إغواء الرجل تسعى وراء المال فقط ومن دون قيم ولا أخلاق…انا لا أطالب بأن كل النساء ملائكة، ولكن أن يجتمع الجميع على أنها الشريرة، وإمرأة اللهو والهوى دون قيمة لعلمها وفكرها فهذا يعني ضرب كل مجتمعنا!
• ما هو العمل الذي ترى انه ظلمته مكنة التسويق، وكان يحمل نصا يستحق المتابعة ؟
– لا خلاف أن المسلسل السوري “بعد عدة سنوات” ظلم تسويقياً وإخراجياً، وكذلك المسلسل السعودي “الناموس”.
التسميات
• يا ريت ندخل بالتسميات؟
– خليجياً كم ليس في مكانه، وتطل على قضاياها الاجتماعية بخجل وتخاف قضاياها، وإصرار بعض النجوم على إختيار النصوص العجيبة والهجينة كما حال ” الناجية الوحيدة”، و “غريب”، و”بيت الذل” و”أنا أحبك بعد”، و” بنات مسعود”، ومنها ما يعتمد على الأمراض النفسية، والتي لا تشبه مجتمعاتها، واللافت أن أمراض نجمات مصر وصل إلى بعض نجمات الخليج خاصة في الكويت من حيث أن يكتب أكثر المشاهد لهن، ولا يغبن عن الشاشة على حساب الفريق المشارك، وبعضهن يضعن شروط التدخل في كل شاردة وواردة من النص إلى الإخراج واختيار فريق التمثيل، وهذا الحال سيعيق دراما الخليج في القريب العاجل!
والكوميديا الخليجية مربكة، وارتجالية وتجارية من دون أهداف، ومنها لا يزال يعتمد على التهريج وخفة العقل وخفة الفن، ومن دون فكر أو فكرة رغم مشاركة نجوم كبار!
والدراما التي قدمتها السعودية فيها استسهال التنفيذ، وفبركات في نصوص هجينة كحال ” أوريم- فندق بلكون”، و” ستديو 21″، و” الوصية”، وبعض حلقات” ممنوع التجول” !
•وعربياً؟
– الدراما المصرية خليط من كم عجيب على حساب النوعية، وهي خارج زمانها، ولا تشبه مجتمعها ولا تعالج قضاياه ومشاكله رغم كثرتها إلا باللهجة، وتسوق مخابرات السلطة، وتُنفذ بسرعة لأسباب إنتاجية تسويقية لدول الخليج!
الأعمال الكوميدية المصرية من دون رؤية، وسطحية، وارتجالات عبيطة !
و الدراما اللبنانية بدأت تتنفس ولكن، وتتجه إلى المخدرات والعصابات والقتل، وتبرير انحلال المجتمع والفرد، ومصرة على الاعمال المشتركة، وهذا بدأ يضرها أكثر مما ينفعها!
واهتمام قطاع الدولة بأهمية دور الدراما السورية كان واضحاً، وقدمت الأعمال النخبوية بمشاركة ممثلين شباب لأدوار رئيسية رغم ملاحظاتنا الكثيرة على الإخراج، أهمها المشاهد البطيئة ودون الدخول بالحدث مما يسبب الملل، وهنا إتقان الممثل لا يفيد حتى يتابع المشاهد، كما ابتعدوا عن مشاهد الإغراء، والخمور كما عودتنا سابقاً وتركوها للمصري واللبناني!
• بدات الاعمال الفنية مؤخراً، وبالاخص هذا الموسم بتجميع اكثر من نجم في مسلسل، مما اوجد فكرة البطولات المتعددة او الثنائية مثل مسلسل “نسل الاغراب” مع السقا وكرار، وكذلك عابد فهد وسلوم حداد في “350 غرام” و”للموت”…ما رأيك؟
– أنا مع هذا الطرح، وهذه الثنائيات، وفي الحقيقة الدراما السورية سبقت الجميع قبل ذلك قبل الحرب هناك، وكانت تعتمد على الثنائيات والرباعيات في بطولة عمل واحد مما فرض قيمة لتلك المرحلة!
اليوم الدراما العربية بشكل عام في خطر، والنجم الواحد كما حال الدراما المصرية لم تعد تنجح وتسوق العمل، ولا بد من مشاركة في البطولة للعمل الواحد!
• بعد الانفتاح الملحوظ فنيا، وظهور الاعمال المشتركة، ماهي عوامل نجاح الدراما عربياً، وهل هي الان بما تقدمه على خطى النجاح؟
– لم تعد هذه النوعية تحقق النجاح لطريقة استخدامها باستخفاف، هي موضة حققت مكاسب للمنتج والنجم وانتهت، والدليل ما يحصل في الأعمال المشتركة لبنانياً وسورياً…أنا مع الأعمال المشتركة فنياً مخرج مصور كاتب وحتى الممثل بشرط عدم اقحامها، ودراسة توظيفها خارج المفهوم الإنتاجي العبيط!
• وما الذي لفتك درامياً؟
– “مارغريت” وهنا لا بد الإشارة إلى أن الاستعانة بفنانين من دول غير خليجية ليس ضرراً إذا فرضنا الاهتمام بتفاصيل الاجواء والبيئة الخليجية كما حصل مع مخرج العمل باسل الخطيب، وهذا زاد العمل ثراءاً وتميزاً!
كما لفتتني طرح قصة ” الروح والرية” ولكن المعالجة الإخراجية كانت صادمة كما لو كان المخرج لأول مرة يخرج، وهذه الشربكات بالنص والمشاهد والأداء الزمني تحتاج إلى رؤية مغايرة شكلاً ومضموناً!
أحببت ” شليوي ناشي” ولكن غياب المنطق وحضور الارتجال في الأداء ازعجني، وأعجبت بأداء الممثلين وإخراج علي العلي في ” دفعة بيروت” واضره الاقحامات للاحداث السياسية والاجتماعية غير الواقعية وغير المبررة، وواضح لم تقرأ الكاتبة المجتهدة هبة حمادي تلك الفترة من تاريخ لبنان والجامعة الأميركية، والغريب توسعها بخطوط درامية لم تتمكن من السيطرة عليها!
و تقنية الممثلين في ” للموت” ولكنه لا يصلح لشهر الصوم بالمطلق، وبعض حلقات ” ٢٠٢٠”، و سورياً ” طبق الأصل” و” على صفيح ساخن”، و” ضيوف على الحب” مع ملاحظات كثيفة إخراجياً، أما مصرياً فتعجب بالعمل في حلقاته الأولى لتنصدم بالمستوى الضعيف على كل الاصعدة، وانوه بعمل القدير يحيى الفخراني ” نجيب زاهي زركش” وأول خمس حلقات من ” نسل الاغراب” !
وأعتقد الممثل الكويتي حمد اشكناني الأفضل عربياً، ومن ثم قصي خولي، وفاطمة الصفي، وعلي كاكولي، ومحمود نصر، وباسم ياخور، وباسم مغنية، وماغي بو غصن، ودانييلا رحمة، والطفلة تالين أبو رجيلي.
كما لا بد من تحية ذهبية إلى تميز حياة الفهد، وأحمد الزين، وعباس النوري، ورندة كعدي، وسلوم حداد، وسمر سامي.
• الحديث معك استاذ جهاد شيق، ولانرغب بانهائه، ولكن المساحة تحكمنا، ماهي كلمتك الاخيرة التي تكون توجيهية توعوية للفنانين، وللوسط الفني؟- احترام الذات، تثقيف الموهبة فالدراسة وحدها لا تكفي، عدم الدخول بالشللسة وبعصابة تتعمد قطع رزق ومحاربة الزملاء، وضع الوطن على تاج الرأس، عدم التصنع في الكلام والتصرف، هجرة عمليات التجميل والشفط والنفخ، الابتعاد عن الكذب، والأهم لا يصنع النجومية بالكذب وبشراء ذمم الصحافة…البساطة، والتصالح مع الذات، وعدم التسول من أجل المال تضمن الاستمرارية والنجاح واحترام الناس، وهذا الآخير هو الأهم.
Leave a Reply