حل الممثل والكاتب سعيد سرحان، ضيفاً على برنامج “بين الحلم والحقيقة”، الذي يعده ويقدمه الإعلامي جوزيف بو جابر، عبر إذاعة لبنان.
قال سعيد :”عشقت التمثيل منذ أن كان عمري خمس سنوات، وكنت أتخايل أني سأصل إلى مكان أصبح فيه ممثلاً ولدي مسيرة فنية، كل ما كان يتشكل في حياتي، كان لأصل إلى هذه اللحظة، كل ما حلمت به كنت أصل إليه بتخطيط إلهي، بدعاء وإتكال على الله، وبدعاء والدتي، فالحلم كل يوم يصبح أقرب إلى الحقيقة، وهناك بعد المرحلة الثانية، إذ إنني أتخايل نفسي دائماً أنني حاضر في مهرجان عالمي أحصد فيه جائزة عالمية، أنا أتعب لأصل إلى ذلك، وإن جاءتني الفرصة سأستثمرها، لكي أحقق هذا الحلم، وحلمي بالوصول إلى مهرجان عالمي، هو كي أوصل رسالة، وشكراً إلى الأشخاص الذين كانوا جزءاً من صناعة أحلامي وتحقيقها، وذلك كرد جميل مني لهم أمام آلاف الناس”.
وعن الحلم المستحيل بالنسبة له، قال سعيد :”مرت فترة في حياتي فقدت فيها الأمل في التمثيل، لأنه بالنسبة لي، ليس الأمر مجرد أن أحصل على دور وأجسده، بل هو شغف، وكذلك دور يشدني لأقدم فيه جزءاً مما لديّ”. وتابع :”كانت تصلني نصوص كثيرة، ولكني لم أكن أقبل بتجسيد أي أدوار، لأن طموحي لم يكن الظهور على شاشة التلفزيون، بل أن أؤدي جزءاً من الرسالة التي آمنت فيها، ومن الموهبة التي أنعم بها الله عليّ، فكنت في السابق أحزن، لأن الوقت كان يمر، ولم أكن قد حصلت بعد على الفرصة التي يجب أن يراني فيها الناس بالشكل الصحيح، لأن التلفزيون هو الذي يعرف الجمهور عليك، على الرغم من أني عملت في السينما، وخصوصاً السينما العالمية، إذ تواجدت في مهرجانات عالمية بالأكثر، إذ أنه في العام 2009 كنت حاضراً في مهرجان “كان” في “الميب تي في” الذي يتم فيه توزيع جوائز “الإيمي أووردز”، وكنت ضيفاً فخرياً أسلّم جائزة الإيمي أووردز، وكان معي حينها النجم العالمي شارلي هونام، وكنا بنفس المستوى، هو أخذ فرصته في الخارج لأنه ممثل إنكليزي، أما أنا فعدت إلى بلدي لبنان، ولكن للأسف في لبنان ليس هناك إهتمام بنا كممثلين على المستوى الرسمي”.
وتابع :”وجاء التعامل مع المخرج سامر البرقاوي، ومع شركة “صباح إخوان” التي أعتبرها بيتي وأهلي، والتي تبنّت قدراتي التمثيلية وفي الكتابة، والمشاهدون أحبوا شخصية “علي شيخ الجبل” التي أجسدها في “الهيبة، وتفاعلوا مع شخصيتي في المسلسل منذ أول ظهور لي في العمل، والذي كان في الحلقة الثالثة من الجزء الثالث من الهيبة، حين يعود علي إلى الهيبة، وما جعل هذه الشخصية تستمر في الأجزاء التالية من المسلسل، ويكبر دوري في المسلسل، وجعل شخصية علي من الأبطال الرئيسيين في “الهيبة – جبل”، هو تفاعل الناس مع هذه الشخصية، وأنا أقوم ببحث كبير حول الشخصية التي أجسدها، وأهم ما أسعى لمعرفته هو ردة فعل الجمهور”.
وفي إجابة عن سؤال :”ماذا الذي يختلف بين كتابة سعيد سرحان لشخصية “علي شيخ الجبل” التي يجسدها في “الهيبة”، وكتابتك لشخصية أخرى في العمل نفسه؟”، قال سعيد :”أنا أكتب القصة في البداية، وهناك البطل الرئيسي الذي هو الممثل تيم حسن “جبل”، وهناك البطل المضاد الذي يواجهه، والبطلة، فالمساحة لديك ستكون لهذه الشخصيات، أما الشخصيات الباقية، فمساحتها مكملة للقصة، ولديهم قصصهم التي نسميها القصص الرديفة، فحين أكتب، أكتب للقصة، وبعدها أستلم النص مثل أي ممثل آخر، وأعمل عليه مرة أخرى”.
وأضاف :”أحيي ورشة الكتاب في “الهيبة”، سامر نصر الله والزملاء، والإشراف الدائم لسامر البرقاوي، وفي هذا الجزء من “الهيبة” لم أكن أكتب فعلياً، لأني كنت بدأت فوراُ بالتصوير، كنت شريكاً في القصة، ولي نوع من المساهمة الدرامية الإستشارية في النص بشكل عام”.
وعن المشهد الذي ترك إنطباعاً رائعاً لدى المشاهدين، والذي جمع الممثلة منى واصف مع الممثل تيم حسن، حين يعود “جبل” إلى المنزل بعد غياب، قال سعيد :”هذا المشهد كتبت له المسودة الأولى، وبعدها جاءت المسودة الثانية من ورشة الكتاب، وإعادة صياغة المشهد، فالكل ساهم في هذا المشهد، الذي جسدته السيدة منى واصف بدرجة عالية جداً في الأداء، طبعاً ناهيك عن أداء الممثل تيم حسن، السيدة منى واصف كتبت بأدائها هذا المشهد من جديد، وأنا بكيت عندما شاهدت المشهد، فهي كتبته من جديد، وحُفر في أذهان المشاهدين”.
وأضاف :”حين كتبت المسودة الأولى لهذا المشهد أدمعت عيناي، لأني أمثل حين أكتب، إذ أضع نفسي مكان الشخصية التي أكتب لها، وأنقل إحساسها، لكي أستطيع أن أصيب حواراتها بالشكل الصحيح، وأصعب أمر في الكتابة هو الحوارات، لأنك إذا كتبت حوارات متشابهة، فلا تعود الشخصيات تتميز عن بعضها البعض”.
وعن التصريحات المثيرة للجدل التي أطلقها الممثل أويس مخللاتي، إذ تبرأ من دوره في “الهيبة”، قال سعيد :”أظن أن ما قاله أويس هو لحظة تخلي، ونحن فخورون بما نفعله، وبما قام به هو أيضاً في “الهيبة”، وأفتخر بأويس كممثل وصديق، مثل فخري بعبدو شاهين وكل الزملاء في العمل. الحلقات الأولى من هذا الجزء من “الهيبة”، كان فيها تكريم لشخصية “صخر” التي جسدتها أويس، وذلك من خلال ردات الفعل التي تحصل من “جبل” و”علي”، وكل العشائر للإنتقام له”.
وذكر جوزيف مجموعة من أسماء الممثلين والممثلات، وطلب من سعيد أن يعلق على كل إسم، فكانت الإجابات على الشكل الآتي:
تيم حسن : أستاذ. قصي خولي، الذي يشارك معه سعيد في مسلسل “توتر عالي”، الذي تغيّر إسمه وأصبح “بارانويا” : جنتلمان.
منى واصف : ست الكل.
عادل كرم : صديقي.
عبدو شاهين : أخي.
إيميه صياح : الأم الجميلة، دمعتها سخية.
روزينا لاذقاني : رفيقتي.
عبد المنعم عمايري : ممثل رائع.
نادين لبكي التي عمل معها سعيد في فيلم 1982، الذي ترشح إلى جائزة الأوسكار : هي المخرجة الحلم، أتمنى أن أمثل شخصية تكتبها وتخرجها للسينما.
بسام كوسا، الذي عمل معه سعيد في فيلم “محبس” : العظيم بسام كوسا، هو أكثر ممثل إستمتعت بحضوره على الكاميرا وخلفها، كنت أنتظر لأنتهي من تصوير المشهد، لأجلس معه وأحدثه.
وفي إجابة عن سؤال :”عندما يصبح الممثل كاتباً، كم يصبح صعباً عليه كممثل أن يقبل نصوصاً من كتّاب آخرين؟”، قال سعيد :”يصبح الأمر صعباً جداً على الممثل، وأنا لم أكن أقبل كل النصوص التي كانت تعرض عليّ كممثل، لأني كنت أقرأها بخلفية كاتب، قبل أن أكتب للدراما، لأني كنت أكتب قبلها للمسرح، إذ كتبت حوالى الثلاث مسرحيات بالإشتراك مع المخرج والممثل عصام بو خالد، إذاً يصبح الأمر أصعب، لأني حين أقرأ أقول “هذا النص ممكن تحسينه دراماتورجياً، أو ربما تنقصه حوارات، أو إعادة كتابة، وأحياناً تصادف فكرة غير مترابطة، حبكة ضعيفة، أو حوارات متشابهة”.
أما عن مسلسل “دور العمر” الذي أبدع فيه سعيد، وأشادت الصحافة بقدراته التمثيلية، قال سعيد :”على الرغم من إنشغالاتي مع شركة “صباح إخوان”، من خلال الإشتراك في كتابة مسلسل “باب الجحيم” والتمثيل فيه، والإشتراك في كتابة مسلسل “الهيبة” والتمثيل فيه، إلا أنه كان هناك إصرار من المخرج سعيد الماروق، والمنتج طارق كرم، ومن صديقي عادل كرم، وسيرين عبد النور، التي أسمّيها الملكة، على أن أكون معهم في العمل، فتم إقتراح شخصية، قال عنها سعيد الماروق إنها على الورق، كان يمكن أن تكون شخصية عادية مثل الشخصيات الباقية التي تمر، لكن كيفية تعاطيّ مع هذه الشخصية، جعلها تعلّم لدى الناس|.
وأضاف :”أعتبر “دور العمر” مسلسلاً ضخماً، وتم تقديمه بحرفية عالية، وبنص جميل جداً كتبه ناصر فقيه، وأخرجه سعيد الماروق بطريقة عبقرية جداً، وأبدع الممثلون، وهم يحبون الحلقة السادسة، لأنهم يعتبرون الثنائية بين عادل كرم وسعيد سرحان نجحت. وأنا إستمتعت بالأداء لأني كنت أمثل سينما في الدور، سعيد الماروق أعطاني المجال بأن ألعب سينما، وجسدت هذه الشخصية، التي إعتبرها المشاهدون أنها تشبه “الجوكر”، الذي لديه خلفية ثقافية لإرتكاب الجريمة، ودوري في “دور العمر” لديه فلسفته أيضاً”.
وعن تزامن تصويره مسلسل “الهيبة – جبل”، مع تصويره على التوالي مسلسل “توتر عالي”، وكتابة وتصوير مسلسل “باب الجحيم”، قال سعيد :”كان الأمر مرهقاً فعلاً، الحياة وضعتنا في ظروف، نحن مضطرون أن نتأقلم معها، أن نخرج شخصيات موجودة في داخلنا، صودف أنني أختبرها من خلال التمثيل، وغيري ربما يختبرها في إطارات أخرى”. وأضاف :”على الرغم من أنني كنت قررت أن لا أشارك في عمل قبل أن أنتهي من “الهيبة”، إلا أنني أحببت نص مسلسل “توتر عالي”، وقررت أن أشارك فيه لو مهم حصل، “توتر عالي” كان الإسم المبدئي للعمل الذي أصبح إسمه “بارانويا”، أؤدي في العمل شخصية جميلة جداً، ومختلفة كلياً عن كل أدواري، هي شخصية طبيب نفسي، يبحث عن إجابة عن سؤال يراوده نتيجة تجربة شخصية، منذ أن كان صغيراً في السن، والسؤال هو “هل الفعل الإجرامي هو فعل موروث؟ أم نتيجة حالة إجتماعية؟ أم أنه الإحتمالان معاً؟، ولقاء الطبيب مع شخصية الممثل قصي خولي، تحوّل بحث الطبيب النظري، الذي يعمل دكتوراه ويقابل مساجين، إلى بحث عملي، يوصله إلى سلسلة من الإجابات عن الأسئلة التي لديه”.
وتابع سعيد :”أما بالنسبة لمسلسل “باب الجحيم”، فهو أضخم عمل قُدّم لغاية اليوم في العالم العربي، فكرة العمل مستقبلية، تدور الأحداث في العام 2052، أجسد فيه شخصية يعتمد أساسها على نجوم “الروك أند رول”، تحديداً على كليف ريشارد من فريق “رولينغ ستونز”.
وعن النسخة التركية المرتقبة من مسلسل “الهيبة”، قال سعيد :”إنها المرة الأولى التي يتم فيها تحويل مسلسل عربي إلى مسلسل تركي”.
وعن الممثل الذي سيجسد شخصية “علي شيخ الجبل” في النسخة التركية من “الهيبة”، قال سعيد :”أفكر أن أتعلّم اللغة التركية، وأجسد دوري “علي شيخ الجبل”، في الهيبة التركية، فاللغات واللهجات هي ملعبي، وأحبها كثيراً”.
وفي القسم الأخير من البرنامج، إختار الممثل والكاتب سعيد سرحان الشخصيات الثلاث التي يحلم بلقائها، فاختار سعيد أولاً لقاء والده الشهيد غسان سرحان، وقال :”كان عمري عام ونصف العالم عندما استشهد والدي خلال الإجتياح الإسرائيلي، كنت أرغب أن أدخل في مناقشات معه، وأعرف رأيه بي، وأعرف القرار الذي إتخذه في التصدي للإجتياح الإسرائيلي، لأنه كان قراراً حاسماً في حياته، فهو لديه إبنان، وقرر أن يدافع عن بلده، ويعتبر أن ما يفعله هو من أجل أن يعيش إبناه في بلد، آسف أن أقول إنه بلد يُفرّط فيه، هناك مواطنون دفعوا دماءهم فداء للوطن، وفي المقابل هناك أشخاص يستثمرون في هذا البلد على حساب دماء الشهداء، فكي يصل والدي ليتخذ هكذا قرار، أسأل :ما هذا الإيمان الذي كان لديه؟”.
وعما خسره بسبب غياب والده، قال سعيد :”ظروفنا المادية كانت قاهرة جداً، والدتي عملت وتعبت لكي تعلمني وشقيقي في أرقى المدارس والجامعات، وعوّضت كل شيء، ولا نستطيع مكافأتها”. وأضاف :”ربما كنت سأكون صديقاً لوالدي لو كان لازال حياً، لأنه إستشهد بعمر 24 عاماً، وهو عاش مع والدتي حوالى الأربع سنوات”. وكذلك إختار سعيد لقاء الفنان الراحل اللبناني الراحل شوشو، وقال :”شوشو هو مدرسة المسرح، المدرسة التي لم يُعلّمها أحد، وهي علّمت الكل. أنا إختبرت علاقتي مع شوشو في الجامعة، قدمت مشهداً كان ديبلوم إخراج لأحد زملائي، وحينها قال لي المخرج والممثل روجيه عساف :”ظننت أنني أشاهد شوشو، أعدت شوشو أمامي”. شوشو كان هاجسي منذ أن كنت صغيراً في السن، وكنت أقلده، فحلم حياتي أن أقدم فيلماً أو مسلسلاً عن شوشو”.
وإختار أخيراً سعيد لقاء الممثل العالمي دانيال دي لويس، وقال :”أريد أن أسأله إن كان يعطيني معلومة مفيدة لأعرف كيف يستطيع تجسيد شخصية إلى درجة تنسيك الشخصية الحقيقية التي يجسدها، وتظن أن الشخصية التي يجسدها هي الشخصية الحقيقية في الحياة. هذا الشخص وجد المساحة بين الفن والحياة والشخصية، وأدخلهما إلى بعضهما البعض، فخلق أسلوباً لنفسه، أصبح ظاهرة”.
برنامج “بين الحلم والحقيقة” يذاع كل يوم أحد عند الساعة الرابعة بعد الظهر، ويعاد بثه كل يوم خميس عند الساعة التاسعة مساء، عبر إذاعة لبنان 98,1 و98,5، إخراج علي أمين.
Leave a Reply