على الرغم من الإمكانات المتواضعة التي توفّرت له بسبب الضائقة المعيشية وحال البلد المزرية وعدم التمويل اللازم، إستطاع المخرج “مكرم الرّيس” أن يقدّم صورة جميلة بكاميرته وتقنيّة إخراجه في المسلسل الدرامي ” وإلتقينا ” الذي عُرض على شاشة الـ MTV.
وقد أجاد ” مكرم الرّيس ” في المسلسل ، وظهر كمخرج له آفاق كبيرة وحُسن رؤية وجمال تجسيد . وكان لعمله ميزة جعلته أن يدخل السباق الرمضاني ، وسط هذا الكمّ الهائل من مسلسلات الدراما، بمسلسل لبناني صرف يتحدّى به جميع الظروف المُقيتة.
وكان إصراره مع الشركة المنتجة على تخطّي الصعوبات نجاحًا بحدّ ذاته ، ولو لم تؤمن شركة ” مروى غروب ” والـ MTV بقُدُراته الإخراجية لما أوكلتا إليه مهّمة إخراج المسلسل .
وبالرغم من إنتقاد الكثيرين للمسلسل بسبب تصدّر إحدى الوجوه المعروفة صفّ البطولة ، إلًا أن العمل الدرامي الذي قُدّم نال الكثير من الإعجاب والمُشجّعين أيضًا ، وكان له نسبة مشاهدة عالية.
وصحيح أن للعمل الدرامي التليفزيوني كاتب وممثل ومتتج يلعب كلّ منهم دوره في إنجاحه ، غير أن كلّ عمل من هذه الأعمال ، يقف خلفه مُخرج مُبدع ، لأنه وحده الربّان الذي يقود سفينة العمل الى برّ النجاح والتألّق ويكون في مواجهة المُشاهد مباشرة .
ولكي ينجح هذا المُخرج عليه أن يتمتّع بقُدُرات عالية وتجارب وخُبُرات .
وتجلّت حميع هذه المقومات والسمات عند المُخرج ” مكرم الريّس” الذي أظهر مقدرته في تولّي العمل الإخراجي ودخل المنافسة من بابها العريض ، وقد أبدع في عمله وأعطى ميزة مغايرة للنمط الإخراجي المُتّبع.
فكان لعمله تقنيّة علميّة ناضجة ، ظهرت من خلال توظيفه لإختيار زوايا الكادرات التي أتاحت عرض الموضوع للمُشاهد من أماكن مختلفة وذلك من خلال تغيير وضع الكاميرا ووضعها على مسافة مناسبة للموضوع وفي تغيير نوع العدسة من لقطة الى أخرى إضافة الى تبديل الوضع البؤري للرؤية ، كما نجح في إتباع الكثير من نقاط اللقطات التي تراوحت بين المنخفضة ومستوى العين والمرتفعة التي تحكّم بها لإيصال المشهدية بطريقة جميلة.
وحافظ في عمله بـ ” وإلتقينا ” على ملائمة المكان وطبيعته ، فجاء دقيقًا ومن صلب الواقع. كما تمّكن من توظيف الإضاءة الفنيّة حيث تميّز عمله بإختلاف الملموس للمرئيات في الضوء وإستخدامها بطريقة رمزية وغير المؤدّية الى ظلال.
عمل ” مكرم ” بجهد جهيد على مواكبة تطوّرات القصّة التي تمحّص بشخصيّاتها وبنفسيّات أبطالها وأدوار ممثّليها ، مجسّدًا هذه المؤثرات بكاميرته التي جعلها تنطق أحداثًا وقصصًا.
ولا يستطع أيّ مراقب إلًا أن يشهد لإبداع ” مكرم الريّس” لأنه كان المفاجأة في الشهر الفضيل رغم الإمكانات الضئيلة والشحيحة ، فـ ” مكرم الريس ” هو “ريّس ” المرحلة المقبلة.
Leave a Reply