ارجوكم اخبروني الخبر كاذب…
اتوسل إليكم لا تلعبوا بخبر موت الأحبة…
بيار أمس ألأول تهاتفنا…
اشتكى الوطن والمهنة، وحدثني اجمل العبارات …
جرحتني يا بيار شمعون ورحلت خلسة دون اللقاء على طاولة العشاء، وفي حفل التكريم الذي كان لنا مع شقيقك الكاتب المتميز طوني …
مات الصديق الصدوق المخلص الوفي، الطفل…
نعم بيار هو طفل صغير تاهت منه لعبته في لبنان ورحل بعد أن انهكه البحث عنها!
رحل الولد الشقي الأهضم بين كل كل كل اصدقائي، وكل كل كل الفنانين حيث عرفت، رحل وهو ينتظر فرصة في وطن لا يعرف غير قتل من ينتظر الحلم في فرص ضائعة كي يقدم اجمل ما في داخله!
مات الشاب الضاحك الذي كان معي عبر الهاتف كل يوم، الشاب الذي رسم معالم وجوده التعب، وحضوره الحزين، وامسياته المركبة والمربكة في وطن كل من فيه شارك بذبحه واغتصاب افكار من يبني الوطن للجميع، وبيار ولا مرة لم يحلم بغير وطن الجميع، والفن للجميع!
بيار ولا مرة لم يفكر بالجميع، ويعطي رأيه بصفاء لا يوصف في زمن الأحقاد والغدر، وفي مهنة لم تعد رسالة… بيار شمعون هو رسالة عمقها المحبة، وعطرها الضحكة، وقراءتها التميز، ومحورها أن اللقاء من دون بيار ليس لقاء يستحق الجمعة والسهر!
قتلوا الرجل الفنان الشيخ بيار شمعون الذي شاب قبل المشيب لكثرة مشاهداته لطموحات شباب تتلاشى أمامه، ولم يتمكن من زرع الأمل بغير بسمته الصافية رغم قساوة الأيام!
بيار شمعون فنان على مستوى الوطن لبنان، ولبنان على مستوى الوطن للجميع في بيار الذي لم يحقق أحلامه، فقرر أن يفرض علينا المزيد من الحزن والخسارة في رحلة لا عودة منها!
الولادة في زحلة حيث صناعة الكرم، وفي الواقع والجذور هو من أصول بقاعية، وتحديداً من بلدة “سرعين”، وهناك جمال الطبيعة، وبراعم المواهب. درس الفنون والمسرح في الجامعة اللبنانية، ولم يتطفل على الفن بل هو في عمق الفن. أول إطلالات كانت من خلال مسرحية “جزيرة العصافير” للمخرج شكيب خوري، وكرت المسبحة، ومنها مسرحية “عمتي نجيبة”، و”هريبة يا أوادم” و”عريسين مدري من وين” … قدم الكثير من الأعمال الإذاعية والتليفزيونية، أذكر مسلسل “عيوق ورفقاتو”، و مسلسل الشحرورة صباح، ويومها علق بجملة: ” صباح أسطورة تحتاج عمل أكبر وأهم وأكثر من ٩٠ حلقة”. ولا نستطيع أن ننسى حضوره المميز في برنامج “بسمات وطن”…كان مدماكاً في هذا العمل دون شك!
بيار شمعون الفنان هو إضافة لكل عمل يشارك به، شخصية كوميديانية بإمتياز، وتراجيدية متفوقة إذا وجد المخرج المخرج وليس المصور الذي أصبح مخرجاً!
لا يذهب إلى التصوير دون قراءة حفظ النص الدور، وكان يحفظ أدوار الزملاء ومن معه في العمل. لا يستغيب الزملاء، ويكثر من انتقاد الزعماء، وهو رفض العيش في هكذا أوضاع… بيار الصديق هو الطفل الحنون، المبادر، اللطيف، خفيف الظل، ورشيق الكلام، والرأي… في الاتصال ما قبل الرحيل مع الغالي بيار شمعون قال حرفياً:” يا استاذ جهاد منين بيطلع معك هذا الكلام المكتوب…كيف …نيالك الله معطيك بركان من الفكر…نيال يللي بتكتب عنه، بتعطيه قيمته وحجمه، وبتنتقده بتعطيه وزنه، وإذا مات بتكتب ذهب…استاذ جهاد أنا بحبك، وانت عندي أهم ناقد وكاتب …”
وخلص الحكي، وفجأة فتحت التليفون، وإذ بصورة بيار مع خبر الرحيل المباغت…
يا بيار ها أنا أكتب عنك بصعوبة قاتلة مخيفة ومربكة، لا أعرف استخراج وأجمع الكلمات…
لقد المتني بجنون هذا الخبر…
سامحني كل ما كتبته لا يليق بك…
اعتذر انتهى الكلام…
الخسارة كبيرة…
وفي حضرة الموت الصمت أبلغ الكلام، وفي صفعة رحيل صديق مثل بيار شمعون يعجز الوصف عن البوح، وتحتل الدموع المساحة الأكبر…
Leave a Reply