هو القلق الدائم، ولا يعجبه العجب!
شخصية جدلية لكثرة الأحلام التي يبوح بها كي يحققها، ولكنه يصدم بأنه يعيش في لبنان، ولكونه لبناني العمق أصر المغامرة!
مروان نجار… تختلف معه، ولكنك تحترم جهوده التي لا تشبه غيره!
تجادله، وهو العنيد، يحاورك كما يشتهي، وتحاوره بحدة، يصمت، يقرر أن يتابع كما يرغب، يصل الأمر إلى الصوت، ولكنه لا يصل إلى القطيعة، ولا إلى حقد لآن مروان نجار مهذب يعرف ماذا يخطط ويعمل وما ينتظره… هذا حالنا مع العاشق للمسرح، والمغامر في الدراما اللبنانية يوم كانت تُنهش ومغيبة في الحرب الأهلية الجاهلية، والمنتج الذي وضع ثروته بأحلامه ليقدم ما يؤمن به، وما يتطلع إليه، وبكيفية النظر إلى عالم الفن الجدلي بنظرية تعني مروان نجار، والكاتب صاحب الجملة الرشيقة والمحسوبة على المشهد العمل، وليس للثرثرة…
أصيب بمرض عضالي، وقع الخبر علينا كعاصفة لآن مروان لا يعرف غير الحلم، ولكن العيش في الظلم اللبناني يوصل إلى الإصابة بالمرض، والمعاناة مع المرض!
اتصلنا، تهذيب أسرته أكد خطورة وضعه، فكان الدعاء لصاحب ” من أحلى بيوت رأس بيروت” فسقط بسرعة مع ” صبي وين بدو يروح”…قدم أوراق الرحيل داخل ذاكرة مشبعة بالعطاء الغني، والعمل المثمر، والتعب الشبابي…
نعم ولا مرة التقيت به، ولم تكن الروح الشبابية تشع منه ومن تصرفاته وحركته… في زحمة الحقد بين الشعوب اللبنانية، والتقاتل بين كذبة الشرقية والغربية، وجمود نشاط مسرح ” قصر البيكاديللي” في أهم شارع عربي، وهو شارع الحمراء، قرر أن يقتحم الشارع والقصر من بعد نشاط كبير هناك في منطقة هنا…غامر في زمن الموت ونجح، وضع كل جهوده في تقديم المسرح من جديد، وحقق نجاحاً لا يوصف، وحينها بدأت الصفحات الثقافية قبل الفنية تقول:” هذا مسرح مروان نجار”…وهذا هو النجاح والانتصار في معركة من معارك مروان نجار مع المسرح ومع الفن…
ما حققه من بصمة في “قصر البيكاديللي ” جعلته يطلب من الكبير منصور الرحباني أن يعاود العرض كما أيام العبقري عاصي، وانتقلت مسرحية “صيف 840″ لتخطف النجاح المعهود في قصر السحر، وفي منطقة متعطشة، وعلى شارع يغربل الفن والثقافة!
نعم عشق مروان نجار الكاتب والمفكر الإنتاجي الفن اللبناني فصنع حالة خاصة، و قرر الإستمرار فكان مكتشفاً للوجوه التمثيلية والمتمرسحة، نذكر منها فؤاد عواد، وباسم مغنية، وبديع أبو شقرا، وفي بيان انطونيوس، وبورتو شلهوب، وطلال الجردي… كل ما قام به مروان من برامج المسابقات التلفزيونية كان هو الأفضل دائماً، ونذكر التحفة ” المتفوقون” ليفرض اسمه على حديث الكل، ومن بعده سهرات تلفزيونية، ودراما بكل انواعها من التراجيدية إلى الكوميدية، اما المسرح الذي حمل إسمه فهنا الحكاية والكتاب والاختلاف عن ما كان يقدم في حينه…ناهيك عن حوارات سكب فيها بثقة تطلعاته وأفكاره الرؤياوية، والتي تختلف مع السائد ومعنا ومع غيرنا…
عن عمر ناهز 76 عاماً حمل أوجاع الوطن، واغتسل بحبر تعبه وجهوده، وصارع المرض تاركاً خلفه إرثاً كبيراً من الاعمال وصمت …
صمت ليراقب بنظراته الجميع إلى أن سلم الروح إلى صاحبها، ورحل إلى عالم قد ينصفه ويقدم له تحية التقدير والتميز…
مروان نجار في المسرح جنون المغامرة، وفي الدراما التلفزيونية شخصية خاصة وثرية، وفي البرامج ثراء المكتبة التلفزيونية العربية، والتي ستبقى خالدة في المكتبة الفنية …
ومن أبرز اعمال مروان نجار التلفزيونية والمسرحية نذكر: ” طالبين القرب”، و”سكت الورق”، و” لعب الفار”، و”بنت الحي”، و”الاستاذ مندور”، و” ديالا”، و” نادر مش نادر”، و”حلم آذار”، و”غلطة معلم”، و” كبسة زر”، و”ام الصبي”، و”صبي وين بدو يروح”، و”عريسين مدري من وين موديل 2000″ ، و”جوز الجوز” ، و”كرمال المحروس” ، و”الطاغية” …وله بعض الكتب، نذكر منها ” شاشة أم هشاشة”، و” حكايتي مع الشاشة” هنا سكب الحلم والرغبة…
مروان نجار ولد في 2 يناير من سنة 1947 في مدينة بيروت، ثابر في جنونه من أجل الفن والهوية اللبنانية حتى رحل في 14 فبراير من هذا العام 2023. درس في الجامعة الأميركية ( 1966 – 1972 )، أراد أن يقتحم موهبته بعلمه.
في رحيل مروان نجار المخرج المؤلف المنتج المغامر نطوي مرحلة لا توصف بقدر ما هي قيمة إضافية من قيم قتلناها واقفة، عذبناها لآن المسؤول الحاكم في لبنان يصر أن يمزق أوراق الوطن، وجلدناها لآن الحكام في لبنان يعشقون قتل أبناء لبنان خاصة أمثال المتميز مروان نجار…
Leave a Reply