كل الذين تابعوا أخبار إنجاز “شبابيك” المسلسل الدرامي القادم للعرض في الموسم القادم، أجمعوا على أنه سيشكّل حالة درامية مميزة ومختلفة وخارجة عن المألوف. فقد قرّر المخرج القدير سامر البرقاوي هذا العام، أن ينجز عملاً إجتماعياً من نوع المسلسل المنفصل المواضيع في حلقاته، المرتبط بخط درامي مشترك، وهو العلاقات الزوجية في مجتمع كان وما زال محكوماً بظروف وعادات ومعتقدات خاصة.
لكن لمن يتوجّه المسلسل؟ لأي عمر وأي فئة وأي مستوى إجتماعي؟
عن هذا يقول المخرج سامر البرقاوي، مجموعة من كبار الكتاب، وضع كل واحد منهم شخصيته في البنية الدرامية وكتب من وحي ما يعايشه في حالات الحب والعشق والزواج والمشاكل والأزمات. كلهم اجتمعوا بإشراف السيناريست بشار عباس ، لتكون الحلقات مترابطة بالخط الإجتماعي، منفصلة بالسرد الدرامي. ولكل شخصية مميزات تطابقت مع ممثلة أو ممثل من كبار نجوم الدراما السورية. لم يختلف أحد ممن تابعوا تصوير الحلقات على أن هذا العمل سيكون له شأنه على خارطة مسلسلات الدراما الرمضانية للعام ٢٠١٧. وفي كل شخصية من الشخصيات، شيء منّا ومن أسرنا وحياتنا اليومية. هو الشاب والفتاة، المتفائلين والمحبطين، الناجحين والفاشلين، الذين يعاركون الحياة فيغلبوها أو تغلبهم. لكن النهاية تظلّ مفتوحة على أفق، يترك لخيال المشاهد أن يكتب ويتصوّر النهاية. التي تظلّ مفتوحة على كل الإحتمالات.
مسلسل “شبابيك” من إنتاج “سما الفن ” ومن بطولة سلافه معمار، بسام كوسا، عبد المنعم عمايري، منى واصف، نسرين طافش ، محمد خير الجراح، كاريس بشار، ديمة قندلفت، وغيرهم حوالى ٤٠ نجم من الممثلين السوريين. و بمشاركة نجوم من لبنان أنجو ريحان وستيفاني سالم.
تقديم مسلسل شبابيك
مسلسل منفصل تتناول كلّ حلقة منه قصّة مفردة قائمة بذاتها، تدور أحداثها كلّ مرّة بين زوجين مختلفين عن المرّة السّابقة،و يعرض في كلّ حكاية لحبكة جديدة؛ داخليّة من ضمن عالم الزوجين، أو خارجيّة يتعرّضان لها معاً، فتُصبح هذه الرابطة على المحكّ، وتوضع أمام تحدّي بإعادة النّظر حول جوهر الصّلة، واحتماليّات الاستمرار. عادةً ما يكون لكلّ مسلسل جمهورٌه المُستهدف المُحدّد؛ وذلك بحيّز جغرافي ، فئة عمريّة معيّنة، أنموذج ما من القضايا، أو قصص ذات نوع معروف، كالرومانس، الكوميديا، البوليسي، أو الأجواء الاجتماعيّة الحداثويّة، غير أنّ ما يميّز شبابيك هو مخاطبته لكافّة شرائح المجتمع ، فجمهوره المستهدف هو الجميع دون استثناء؛ ذلك أنّ كل فرد منّا إمّا في علاقة زوجيّة، أو مُقبل عليها، أو كان في أُسرة قائمة أصلاً على هذه الرّابطة، ولذلك سوف يعثر أي مُشاهد لنفسه على شخصيّة يضع نفسه مكانها ، أو على مقربة منها، مما يعيشه ومما يتذكّره، فيدخل في العرض،متورّطاً في الاندماج وشرط الفُرجة. الابتعاد عن الاستسهال سمة العمل، والشّرط القصصي الرّفيع والمشغول بعناية هو ما يميّزه، فعندما يبتعد الفنّ عن ” النّمط ” و ” الكليشيه ” يوصف بالجودة، وهذا ما قام به صُنّاع المسلسل؛ فأوّل ما يخطر في ذهن من يوشك على هذه الفُرجة هو أنّها سوف تكون مفعمة بقصص الخيانة أو العقم؛ لأنّهما التّهديد الأكثر شهرة وألفة لمؤسّسة الزّواج، ولكنّ شبابيك يتحاشى السّهل والمألوف، ويبحث بمهارة عن موضوعات أكثر جذباً وعمقاً، فيعثر على شخصيّات تقترب بسماتها من الشخصيّات الفيلميّة والروائيّة، لديها صراعات درامية تستطيع جذب الانتباه بطريقة تنجح في نقل الأسئلة الكبرى إلى الجمهور نفسه، محققاً بذلك تفاعل ما بعد المشاهدة.
هذا التفاعل يقترحه العمل من خلال اعتماده على أنموذج النهاية المفتوحة، ففي القصّة،سواء كانت مكتوبة أو مؤدّاة كدراما، هناك نوعان من النّهايات لجهة البناء؛ المغلقة والمفتوحة؛ الأولى تنتمي لعالم القصّة الكلاسيكي عندما كانت التراجيديا تنتهي بموت البطل أو بسعادة عارمة للجميع في الكوميديا،عبر قطع لأي اقتراح بتطوّر الأحداث، والثّانية -النّهاية المفتوحة – كشكل حداثوي يأخذ بالحسبان مستقبل القصّة، فالشخصيّات لن تختفي أو تتجمّد عن الحركة عند انتهاء العرض؛ وسوف يكون لها حياة افتراضيّة جديدة؛ هذا تماماً ما يُراعيه شبابيك في بناء الحبكة الدّراميّة، وذلك كي يبتعد عن الارشاد وتوجيه النصّائح، مفضّلاً على ذلك طرح السؤال، وتوسيع المدارك، ونقل النقاش والقلق الدّرامي من الشّاشة إلى الجمهور الذي حتماً سوف يطلب المزيد من القصص المشوّقة،أي: المزيد من الحلقات، وبذلك تكون كلّ حلقة ” قصّة” أقرب إلى تجربة شخصيّة يعيشها المُتلقّي منها إلى عرض تلفزيوني عابر، ولهذا يُمكن وصف العمل بأنّه سهل التذكُّر، فيحجز لنفسه موقعاً رائداً ضمن الأعمال الّتي تحظى بفرص عديدة لإعادة العرض. مستويات عمريّة متفاوتة من حلقة لأخرى؛ طوراً يكون الزوجان في مقتبل العمر في زواج حديث، وتارة كهول لديهم أبناء في سنّ الزواج، حيناً تبدو القصّة رومانسيّة، وأحياناً أخرى وجوديّة حياتيّة،الإشكاليّة قد تظهر والزوجان بمفردهما، أو تحت وطأة الظروف والمجتمع، احتمالات عديدة مميّزة تجعل من هذه الثلاثين حلقة تفكيكاً وتشريجاً جديداً ومفارقاً تشهده الدراما السوريّة والعربيّة للمرّة الأولى،مما يجعله كمشروع وعداً بوضع هذه الدراما على مفترق جديد من التذوّق الفنّي الجمالي.
Leave a Reply