على الرغم من أننا في زمن الجمال وعصر التجميل ، بتنا نشعر رغم هذه الثورة الجمالية ،بتراجع دائم للجمال وإنهيار مستمّر يقوده نحو الهاوية عامًا بعد عام. لكأن جميع الأبواب قد أوصدت ولم نعد نشاهد من جمال مُبهر كما كنّا نشاهده في السابق.
لم أتطرّق لهذا الموضوع من باب المهاترة أو المزايدة إنما من واقعٍ أعايشه ونعايشه معًا كما أنني أشاهده شخصيًا في كلّ مرة من خلال الشاشة أو من داخل الصالة ، فأشعر بهذا التراجع الذي بدأ يرخي بثقله المخيف على بلدنا الذي كان مرتعًا للجمال وتاجًا للتألق العالمي.
وبنظرة سريعة ومقتضبة حول هذا الهبوط ، ما شاهدناه بالأمس في مسابقة ملكة الجمال التي جمعت على الـ بوديوم باقة من المشتركات اللواتي كنّ فيها مهضومات، ناعمات ، تتمتّعن بـ ” لوك ” واحد وبفساتين مختلفة إضافة الى القامات الممشوقة والأجسام المتناسقة ، لكنهن .. وعلى الرغم من كل ذلك ،كنّ فاقدات للجمال الخارق ، إن لم أقل المعدوم، ومن الممكن أن يكون مرّد هذا الى اللجنة التي إختارتهن ولم تراعِ هذه الدرجة المهمة من الجمال. مع العلم ، أن الفتاة في هذا العصر أضحت ” تشتغل ” على نفسها شكلًا و مضمونًا ،خصوصًا تلك التي تتمتّع بروح المشاركة بهكذا مسابقة ،ولا أرى من سببٍ يمنع تقديمها بصورة غير جميلة.
ومن المعروف والمتفق عليه عالميًا، كي تحظى المشتركة بلقب ملكة جمال يجب أن يتوّحد الرأي والموقف بشأنها من قِبل الجميع وأن تشكّل حالة شبه إجماعٍ على إختيارها .. وهذا أمر لم يكن موجودًا البتة في هذه المسابقة ولا في غيرها من المسابقات الرائجة هذه الأيام . فلا يجوز إختلاف الرأي ولا التباعد الذوقي بين مَن يحبّ وبين آخر لا يحبّ.. مما يعني أن هناك حلقة كانت مفقودة أو ناقصة، وهذا أمر غير مستحبّ في حدث جمالي على مستوى بلد.
كما ليس من الضروري أن تكون ملكة الجمال أو المشتركة تتمتّع بثقافة سياسية أو سياحية أو إقتصادية حتى تتحدّث عنها وعن حلولها ، وفي حال فشلت في معالجة السؤال لا يجب ان نهزأ منها ونعرّضها لموقف محرج أمام الجمهور بسبب تلعثمها وعدم معرفة الإجابة على سؤال غير مدروس أصلًا، في مسابقة لا تمّت إليه بصلة لا من قريب أو بعيد . علمًا ، وبحسب تقديري، أنه لم يعد هناك من فتاة غير مثّقفة أو طالبة جامعيّة ، فثقافتها عادة تتمحور في مجال إختصاصها.
وأكثر ما أعجبني في المسابقة السؤال الذي طرحته الإعلامية ماغي فرح الذي ينّم عن ذكاء مُبدع، والذكاء ليس بغريبٍ عنها، فكان من صلب الأسئلة الحقة التي تُسأل بمثل هكذا مسابقات.
أما الإمتعاض الكبير فكان بلجنة التحكيم البعيدة كلّ البُعد عن مسار المسابقة .
فكيف تناسقت مع المنظميّن هذه التركيبة التي جمعت بين أعضائها : الموسيقي ومصممة الأزياء ورئيسة تحرير ونجم كرة سلة ورسام وعالمة فلك وأبراج؟؟
أين خبراء الجمال والتجميل مثلًا؟؟
أما كان من البديهي أن يكون هناك بين الأعضاء خبير جمال أو طبيب تجميل؟؟
فهذا سؤال يُسأل و ربما تأخذنا أبعاده الى حسابات الربح المادّي الذي ربما فرضه الـ ” Sponser” وأجبر المنظمين على القبول بهؤلاء الأعضاء الميامين.. ولكن ما كان يجب أن يكون حساب هذا الربح على حساب المشتركات والإختيار.
في العام المنصرم مثلًا ، تمّ إنتقاد الملكة ساندي تابت بطريقة جارحة على الـ سوشيال ميديا..
فما الذنب الذي إقترفته؟؟؟؟
أليست هي مَن تقدّمت للمسابقة وهم الذين إنتخبوها؟؟
فما ذنبها إن كانت اللجنة آنذاك لا تتمتّع بصفة الخبرة وينقصها الكثير من الدراسة والمهنية ولم تكن مؤهلة و ليس بين أعضائها خبراء جمال؟
لم أشر في كلامي،الى أن الملكة السابقة لم تكن على قدر من الجمال.. لكنني أوّد القول أن كلّ سيدة تتمتّع بجمال خاص بها، إنما حين نتحدّث عن ملكة جمال يجب علينا أن نراها جميعنا ملكة تحمل كافة الصفات والمواصفات الجمالية بطريقة لا لُبس فيها .. حتى ولو ذهب بعض المغالين الى القول ” ان الجمال نسبّي بنظر البعض ويتفاوت بين شخص وآخر”..
لكن غرب عن بال هذا البعض ان ” جورجينا رزق ” الملكة قد نالت إعجاب جميع الناس حينها وما زالت ..
هل يستطع احدًا أن ينكر جمالها ولا يراها الاّ ملكة بكل ما في الكلمة من معنى؟؟.
Leave a Reply