حلت المؤلفة الموسيقية ومغنية الأوبرا هبة القواس ضيفة على برنامج “نجوم وأسرار” الذي يعده ويقدمه الإعلامي جوزيف بو جابر عبر إذاعة لبنان 98,1 و98,5
القواس تحدثت عن طفولتها قائلة :”طفولتي كانت سريعة حيث قمت بأشياء كثيرة ، حصلت على حبر كبير من عائلتي التي إنتظرتني مدة طويلة جداً حيث أنني ولدت بعد زواج والديّ بـ17 عاماً ، ووضعا بتصرفي كل ما لديهما ، فكان كل شيء مميزاً منذ لحظة ولادتي ، والدتي كتبت مذكراتي اليومية ، لدرجة أنها تقول إنني كنت أبلغ شهراً واحداً حين كنت أوقظ الجيران على صوتي بحيث حين كنت أشرب الحليب أصرخ من الوجع ، فكتبت عني والدتي “صوتها أوبرالي ، أيقظت كل الجيران” ، وبعدها وجدت أمي أن الدواء المناسب لي هو الموسيقى الكلاسيكية التي صرت أنام على صوتها وأرندح معها”.
وأضافت :”طفولتي عبارة عن موسيقى ورسم وقراءة ، كنت قارئة نهمة حيث بدأت أقرأ وأكتب بعمر عام ونصف ، وكنت أمسك بالقلم بشكل صحيح ، وعزفت على البيانو بعمر سنتين ونصف ، وبعمر الأربع سنوات بدأت بتأليف الموسيقى ، كانت طفولتي كلها إكتشاف ودهشة ، وبنفس الوقت كنت أنا كهربجي البيت ، أصلح كل الماكينات الكهربائية ، وكنت نجار البيت ، ودهّان البيت”.
وتابعت القواس :”بعمر 8 سنوات قدت سيارة ، وصرت ميكانيكي السيارة وأصلحها وأهتم بها ، كنت في نفس الوقت طفلة عاقلة وشقية ، لم ألعب مع أبناء جيلي إلا في ما ندر ، أولاد خالي هم رفاقي في طفولتي ، كانت رفيقتي والدتي ، وبعمر الست سنوات كان لدي مختبر في المنزل لأني أردت أن أخترع دواء للسرطان ، فكانوا يسمعون أصوات إنفجارات صغيرة في البيت ، وكان لدي مكتبة أقضي وقتي فيها ، وكنت في صغري بطلة جمباز ، وكنت أرافق والدي إلى الصيد وأصيب الأهداف بشكل غير طبيعي فكان يتباهى بي أمام رفاقه ، وبعمر الست سنوات أحييت أول حفل في حياتي في المدرسة وغنيت أعمالاً موسيقية من ألحاني ، فحلمي بالأوبرا العربية بدأ منذ ذلك الحين لأن والدتي كانت تُسمعني موسيقى تشايكوفسكي وبيتهوفن وأغاني الأوبرا ، وكنت أقلد ماريا كالاس وأغني معها ، وكنت أقول إسمي “هبة كلاس” ، وكنت في الوقت نفسه أستمع إلى عبد الوهاب ، وأسمهان التي كانت تُدهشني بجمال صوتها ، وصرت أخترع ألحاناً تجمع عالمَي الموسيقى ، وبعدها درست الموسيقى وسافرت وعدت إلى لبنان إلى أن وصلت لما وصلت إليه اليوم”.
وعن مدينتها صيدا ، قالت القواس :”صيدا تعني لي البحر والسماء والبساتين وزهر الليمون والقلعة ، بيتنا كان مفتوحاً على الجهات الأربع فكان مشهداً جميلاً ، وكنت كل يوم عند المغيب أرسم الشمس والبحر ، مهم جداً السلام الذي أخذته من صيدا ، فلغاية هذه اللحظة عند وصولي إلى مدخل صيدا أشعر بأن هناك سلاماً يأتيني من البحر والسماء”.
وقالت القواس :”لم يُسمح لي بأن ألعب كثيراً في أحياء صيدا لأن والدتي كانت “كتير مسَرسبة علييّ” ، وكنت أتفرج على الأولاد الذي يلعبون بحسرة ، مرة واحدة سمحت لي والدتي بأن ألعب معهم حين كان أولاد حيّنا يلعبون مع أولاد الحي الثاني ، وكان معروف عني أني أرافق والدي إلى الصيد وأصيب الهدف ، فكانوا يطلقون على بعضهم أسهماً نارية ، فكان أولاد الحي الثاني بدأوا الهجوم وأصبحوا في حيّنا ، فتوجه أولاد حيّنا إلى والدتي ورجوها أن أنزل إلى المعركة ، فقلت للأولاد فلنحضر أكياساً ونملأها ماء ونضع فيها فلفل ، فصرنا نضرب تلك الأكياس على رؤوس أولاد الحي الثاني “ويشلفطوا ويهربوا” ، وكان هناك بناء قيد الإنشاء ، فقلت للأولاد “أحضروا القساطل الصغيرة” ، فكنت أركز القسطل على كتف أحد الأولاد وأضع عليه الأسهم وأصوب على الهدف وربحنا الحرب”.
وأضافت :”عائلتي تملك بساتين في صيدا ، وكان جدي يأخذنا إليها ويعلمنا أن كل واحد يزرع شجرته ولديه منطقته ، فكنا نلعب بين الزهور ، وأنا أسكن اليوم في بيت مري لأنه يجب أن يكون لدي دائماً إلتصاق بالطبيعة ، البحر ليس صحياً للصوت لذلك أسكن في الجبل ، صيدا أعطتني طيبة ومحبة ، وأهم شيء أنها أعطتني منذ لحظة ولادتي تاريخاً طويلاً جداً لأني أؤمن بأنه في لحظة الولادة نكتسب في اللاوعي الجماعي موروث المكان الذي نلد فيه ، وهذه نعمة أن نرث أكثر من ستة آلاف عام بلحظة الولادة ، وعمر عريق لأولئك الكنعانيين أو الفينيقيين بإمتدادهما ، وأهل صيدا طيبون”.
وعن أيام المدرسة قالت القواس :”أول معلمة لي كانت والدتي ، وهي كانت معلمتي في المدرسة أيضاً وكانت مسؤولة عن المدرسة التي كنت فيها في البداية ، وكان أستاذ الرياضيات خليل تمين يقول إنه يجب أن أسافر إلى أميركا ليُجروا لي إختبار الذكاء وأجتاز مراحل أكثر من التي إجتزتها حينها ، هذا الأستاذ علّم بي كثيراً حيث أنه كان يريدني أن أكون في الصف الأول ثانوي حين كنت أبلغ 8 سنوات ، فأنا دخلت الجامعة بعمر خمسة عشر عاماً ونصف ، وأستاذتا اللغة الإنكليزية السيدة طعان والسيدة حرب أثّرتا بي ، والإثنتان كانتا تلميذتَي والدتي”.
وعن أول حب في حياتها ، قالت القواس :”بعمر الثلاث سنوات أُغرمت لأول مرة ، كان إبن خالي وكنا مُغرمين ببعضنا ونخطط للحياة كلها ، كان حب الطفولة البريء ، ولا زال إبن خالي لغاية اليوم من أعز أصدقائي”.
وعن أول حفل أحيته وتقاضت عليه مبلغاً مادياً قالت القواس :”كان عمري حينها حوالى 17 عاماً ، وتقاضيت 20 ألف دولار أميركي ، وزعت من ذلك المبلغ على الفرقة التي كانت ترافقني ، أنا بدأت العمل بعمر صغير ووالدي لم يحب الأمر لأن وضع عائلتي جيد مادياً ، بدأت بإعطاء دروس خصوصية حين كان عمري 12 عاماً ، وصرت منذ ذلك الحين مكتفية مادياً ، وأشتري أشياء لا يشتريها أولاد من عمري ، فكنت أجلب هدايا لأصدقائي ، وأشياء للمنزل ، وأنا أصرف الكثير من الأموال ولا أدري كيف أصرفها”.
وأضافت :”سكنت لفترات بمفردي في إيطاليا وبرمانا حين كان أهلي لا يزالون في صيدا ، فكنت أقسم وقتي بين دراستي في إيطاليا ودراستي في لبنان ، وكنت مسؤولة عن نفسي ، تعلمت الحياة من السفر والمدن الكثيرة التي زرتها ، وأغلب سفراتي أذهب فيها بسبب الغناء أو التسجيل أو العمل مع الأوركسترات ولكنني أحرص قبل أو بعد العمل في الخارج ، على أن يكون هناك 10 أيام على الأقل أزور خلالها المتاحف والأماكن الخاصة في هذه المدن ، أنا مجنونة كفنانة حيث أتبع إحساسي إلى النهاية وأجرب أشياء لم أرَها من قبل ، طبعاً قدر المستطاع”.
وخصّت القواس برنامج “نجوم وأسرار” وإذاعة لبنان بمقاطع من أغنياتها الجديدة التي ستصدر في ألبومها المقبل بين شهري أيلول وتشرين الأول ، ومنها “صوتي السماء” ، “أغنيك حبيبي” و”عرفت بيروت”.
وعن مواقف محرجة حصلت معها قالت القواس :”غالباً ما أتسبب في تأخير إقلاع الطائرات حيث أن الركاب يتساءلون “من هو هذا الشخص الذي يجعلنا ننتظر؟” ، ولكن الموقف الأكثر إحراجاً كان منذ حوالى سنة ونصف خلال تقديمي “أنوار الأندلس” في دار الأوبرا السلطانية في مسقط وكان عملاً كبيراً جداً ، كنا حوالى 190 فناناً بين أوركسترا وكورال وراقصين ومخرجين …خلف الكواليس لديك كل مستلزماتك في الأماكن المتطورة مثل دور الأوبرا التي تصبح بيتك الثاني لأنك تعيش فيها فترة 20 يوماً من البروفات ، صحيح أننا نقيم في فندق ، ولكن كل ملابسك وتحضيرات هي خلف المسرح ، فأنا حضرت إلى الحفل قبل موعدي لأكون مرتاحة ، فكانوا يهتمون بشعري وماكياجي وكنت لا زلت أرتدي ثوب الحمام ، وإذ ينادونني لإجراء test للصوت على المسرح وكان لا يزال شعري وماكياجي غير جاهزين ، وعليك أن تطل على المسرح مثلما أنت لأن هناك حوالى 190 فناناً ينتظرونك ولا يمكنك أن تؤخرهم ، فأطللت على المسرح مثلما أنا والقاعة كانت لا تزال مقفلة وممنوع أن يدخل أحد ، وفجأة فُتحت أبواب القاعة ودخل حوالى 20 شخصاً من الديوان السلطاني وهم يرتدون اللباس العُماني الرسمي ، وبينهم شخص يرتدي بذلة أوروبية ووقف أمامي وصار يضحك ، فكان هذا الشخص دولة الرئيس السنيورة ، ومن شدة المفاجأة ركضت نحو الكواليس وإختفيت ، بعدها أرسلت أشخاصاً من قبلي ليسلموا عليه ، وعرفت لاحقاً من الوزراء أنه حضر إلى عُمان بسبب معاهدة إقتصادية بين البلدين ، فأراد أن يفتخر بإبنة بلده لأنها تقوم بعمل عظيم فأوقف إجتماعه مع المسؤولين ليحضر حفلي ، وعاد وهنأني ، ولكنه كان موقفاً محرجاً جداً بالنسبة لي”.
وعن علاقتها المميزة بالشاعر أنسي الحاج ، قالت القواس :”تعرف عليه حين كان عمري 15 عاماً ونصف ، كان لدينا صديق مشترك وهو الشاعر حمزة عبود ، وكنت أخذت من شعر الحاج قصيدة من ديوان “الرسولة” وغيّرت الصيغة من المذكر إلى المؤنث ، فقال لي حمزة “هكذا تأخذين قصيدة أنسي وتغيرينها وتغنينها على المسرح؟” ، فقلت له “ما المشكلة؟” ، فعاد وقال لي “يجب أن نقول له ، سأعرفك عليه” ، وهذا ما حدث ، وكان اللقاء ودُهش الحاج بالأغنية وأحبها كثيراً وأصبحنا صديقين ، وقال لي إني حققت له حلمه بأن يسمع شعره مُغنّى ، وهذه اللحظات وثقتها في ألبومي المقبل الذي سيكون أول ألبوم بعد وفاة الحاج ، فأهديه بصوتي الأغنية ، ووضعت في الألبوم التسجيل الأول للأغنية حين كنت أبلغ 16 عاماً وكان هو معي في الستوديو ، وأنا أفتقد اليوم لحضوره ، وأشعر بأنه كان لدي عالم وفقدته حيث كان لدي ثلاثة أصدقاء مقربون مني في ذلك العمر وهم أنسي الحاج ، وليد غلمية وإيلي صليبي ، تجربتي معهم لا تنتهي ، وربما أتواصل معهم اليوم بطريقة أخرى”.
وعن متابعة مشوار الشاعر أنسي الحاج مع إبنته الشاعرة ندى قالت القواس :”أنت تعلم أن هناك علاقة خاصة بين أنسي وندى حيث أنهما يشبهان بعضهما في أماكن كثيرة ، وبما أن أصدقائي كانوا دائماً يكبروني سناً ، فأنا أمزح دائماً وأقول إن أنسي كان صديقي لأن ندى كانت بالنسبة لي صغيرة بالسن ، فبعد أنسي أصبحت زوجته ليلى صديقتي ، وإنتظرت لتكبر ندى وتصبح بدورها صديقتي ، هي رفيقة عمر ودرب ، وصديقة إستثنائية ، إنها نعمة من الله أن يسمح بأن يكون هناك هذا النوع من الأصدقاء ، ندى عاشت معي تجربتي الموسيقية ونجاحاتي وأسفاري لبلدان عديدة ، وهي تعمل معي في شركتي وعاشت معي صعوبات وأفراح حياتي ، وأعطتني من شعرها ووقتها وقلبها وحياتها ، وأعتقد أنني أعطيتها أنا أيضاً ، هو مشوار لا ينتهي”.
وعن أسرارها قالت هبة :”أسراري موجودة مع والدتي ، ومع أشخاص رحلوا عن هذه الحياة ، ولدي ثلاث صديقات يتشاركن أسراري ، وهنّ الشاعرة ندى الحاج ، والمنتجة والمخرجة ريما كريمة التي تعمل معي في الشركة ، والممثلة سوزان نجم الدين ، وأنا في المقابل أحمل أسرارهن ، السر هو حياة ثانية ، له عبقه ورائحته وجماله”.
وعن عدم زواجها لغاية اليوم قالت القواس :”أخاف ، وأنا لا أُغشّ حيث يجب أن يغشك الشخص الآخر ، فأنا كنت أعلم مسبقاً بأن أحدهم ستحدث له مشاكل ، فأُجيد الهرب ، والرجل يحب أن يتملك المرأة ، وأنا وقتي لموسيقاي وأسفاري ، لن يحتمل أسلوب حياتي مثلما هو”.
وأضافت :”أشعر بأن الحب موجود دائماً ، وأنا أؤمن بالحب الكبير حين يصبح الحبيب والله واحداً ، وتتوحد الطبيعة والكون ، أنا مع وحدة هذا الكون ووجوده ، أحياناً تفرح بنفسك أو بصديقك ، الحب موجود بأشكال تدور وتدور ، حين تحب كثيراً في حياتك تتعلم أن تحب لاحقاً كل التفاصيل بنفس الطريقة”.
وعما إذا كانت هناك دمعة تحبسها في عينيها ، قالت القواس :”كثيراً ، أنا أظهر على أنني قاسية وقوية ولكن ممكن أن أبكي بسبب مشهد سينمائي تم تمثيله بشكل قوي ، وممكن أن يبكيني شيء معيّن في حياتي ، أنا من الناس الذين يقولون “نفسي حزينة حتى الموت” وهذه جملة المسيح التي أحبها حيث أن الحزن هنا هو الوجه الآخر للفرح العظيم ، الحزن العظيم والفرح العظيم وجهان لعملة واحدة ، ولكني لست أبداً تعيسة في حياتي ، وجملة المسيح هذه ترافقني منذ طفولتي حيث كان لدي ألحان حزينة وكانت أمي تسألني “لماذا أبكي في موسيقاي” وكانت تبكي”.
وعن المشهد الحاضر دائماً في ذهنها ، قالت القواس :”هو مشهد خاص جداً ، هو وفاة والدي بين يَدي”.
وختمت :”حياتي لم تكن سهلة أبداً ، ولكنها كانت جميلة ومليئة بالحب من عائلتي والأصدقاء ، ومليئة بالنِعَم والإنجازات والفرح ، ولكن رافق كل هذا نار قوية جداً موجودة في كل يوم”.
“نجوم وأسرار” يذاع السبت عند الساعة التاسعة مساء ، ويعاد بثه الثلاثاء عند الساعة العاشرة مساء ، إخراج علي الأمين .
Leave a Reply