أكد الممثل القدير منير معاصري أن التجارب الذي خاضها في سفره لا سيما في البرازيل تخللتها لقاءات مع اشخاص من أصول لبنانية ما دفعه لطرح سؤال كبير عن عدم عودتهم الى لبنان، وهذا الامر أثار فضوله حول عدم الاندفاعة في العودة كما تكون تماماً في المغادرة.
ورأى أن الحق يقع علينا نحن الذين قطعنا الحبل السري بين اللبناني المقيم والمهاجر وقال: تأخرنا في متابعة الموضوع والتفكير ببرامج لمتابعة المنتشرين والمساهمة في عودتهم الى وطنهم الام وهو امر كان مطلوبا منذ زمن قبل أن يعمد البعض الى تعديل اسمه وعائلته حتى جازماً بأن أحدا لا ينسلخ عن وطنه ولا يحب العودة اليه.
واعتبر أن مسألة الجذور وقضية الهوية يعاني منهما العالم بأسره ومن رحلوا حالفهم الحظ وساهموا في اعمار البلدان حيث استقروا وقد نكون مقصرين تجاههم بإلغائنا همزة الوصل بيننا فانقطع الاتصال متحدثا عن مجهود كبير لعودتهم.
ولفت الى أن الأهم من عودتهم الى وطنهم الام هو معرفتهم بوطنهم الام وفي هذا الإطار يأتي فيلم “المحطة الأخيرة” هذا العمل الذي أبصر النور منذ خمس سنوات وكتبه شخص متزوج من لبنانية أخبرته عن قصة جدها ورحلته في الباخرة وقد اثار ذلك اهتمامنا فأجرينا مقابلات مع خمسين عائلة وأتت كل القصص مشابهة لبعض البعض في تفاصيلها معرباً عن مدى تأثر العائلات والدمعة في عيونها مترافقة مع الغصة في جوابها عن العودة مشروع المحطة الأخيرة تحدث عن تفاصيله معاصري مشيرا الى انه ولد من البرازيل والإنتاج كان مشتركاً وهم قد اختاروا القصة والسيناريو ومولوا الفيلم وكانوا بحاجة الى مساعد في لبنان.
ولدى حديثه عن المغتربين يشير الى أن أهم خمسة كتّاب في البرازيل هم من أصول لبنانية، والمركز الثقافي اللبناني البرازيلي منذ سبع سنوات تقريبا وجه دعوة للأديب ميلتون حاطوم وتمت ترجمة كتابه الى العربية والدعوة لتوقيع الكتاب وهو ما لم نلمسه فيما خص المسلسلات التي عرضناها ومنها مسلسل الشقيقان. ويسرد معاصري كيف طلب منه المخرج المسؤول تدريب الممثلين قبل التصوير بثلاثة أشهر وخضعوا للتدريب على مدى ست ساعات في اليوم مشيرا الى أنهم ممثلون من أصول لبنانية ومهمون والاصعب كان في لعب دور شخصيات لبنانية فوجدت نفسي أمام مهمة سرد تاريخ لبنان واطلاعهم عليه وكيف أخذنا استقلالنا وعرضت صورا عليهم كما اننا أدخلنا في الحوارات كلمات لبنانية “يا ربي” ” تعا لهون ” وجعلتهم يصلون باللهجة اللبنانية وأكثر ما اخذ وقتا هو التدريب على لفظ الاحرف “ح ” “خ” مثلاً وربط نجاح أي مدرب بإعطائه الإحاطة الكاملة للممثل.
واضاف: في عملي دخلت في عمق الشخصية وليس فقط تدريباً على أداء الدور والتمثيل بل احاطة الممثل ووضعه في الإطار المناسب معتبرا أن المواهب كثيرة لكن المشكلة في التعاطي مع المهنة وما يتعلق بمفهوم المهنة.
ورأى معاصري أن الأموال وصالات العرض والتقنيات كلها موجودة في لبنان والقصة تكمن في الهوية والفرد الذي يتعاطى مع هذه الأمور إن كان منتجاً او ممثلا او مخرجا. وجدد القول ان المنتج طوني فرج الله أعاد حجر الأساس للهوية للسينما اللبنانية رافضا اتهامه بظلم الاخرين وطمأن الى أن السينما بألف خير لكن السينمائين هم المشكلة وبالنسبة للمسرح ايضاً. وإذ لفت الى أن حديثه عن فرج الله جاء قبل طرح نادين لبكي فيلمها “هلأ لوين” رأى أن المعضلة التي طرحتها “باهتة” ولم تدخل في عمق المشكلة حيث تمحورت القصة حول كنيسة وجامع وضيعة. وردا على سؤال أجاب معاصري: هناك عرض وطلب وبعض الأدوار التي لا تناسبني رافضا مقولة ان الممثل الجيد يجيد تأدية كل الأدوار.
وعن فيلم ” مورين” ويسرد قصة حياة قديسة لبنانية أشاد بذكاء طوني فرج الله وادراكه لعمله فهو لم يشدد على الجانب اللاهوتي بقدر ما شدد على الجانب الإنساني وطرح الموضوع من باب العادات والتقاليد التي كانت حينها موضحا أن البطلة كانت تعيش في القلمون شمال لبنان ودخلت الدير والعوامل الموجودة الزمتها ان تكون راهباً. وهل حاول الاستحصال على معلومات دينية وعندما لم يجد لجأ الى الشق الإنساني يقول معاصري: طوني احتفظ بالامور الأساسية في القصة من ناحية دخولها الدير كفتاة وتخفيها في زي شاب والباقي من نسج الخيال والذي يتماشى مع الشخصية والحقبة الزمنية ما جعل الفيلم يكون اهم انتاج سينمائي من دون أن أتردد او ان أظلم أحداً.
ولدى المقارنة بينه وبين المحطة الأخيرة يقول: كل واحد ينتمي الى نوع من الأفلام ولا يمكن اعتبار المحطة الأخيرة ضمن السينما اللبنانية بل برازيلية وعمل بوجهة نظر برازيلية. وعن بداياته يقول:هاجرت عام 1960، وكانت مهنة التمثيل غير محبذة لكنني أشكر الله أن لدي والداً تفهم ولم يمنعني من الهجرة وقد حالفني الحظ ان هناك مخرجا اسمه ايلي يقزان اعتقدت انه من عائلة لبنانية ولدى مغادرة بعثة لبنانية الى نيويورك في عدادها الصديق طوني رعد طلبت منه ارسال مكتوب لايلي يقزان عن نيتي الالتحاق بالمعهد لكنه وعندما تلقيت الجواب اكتشفت انه من قبرص وهاجر الى اميركا ولم يشجعني للعنصرية الموجودة والتي تسيطر على اميركا في وقتها لكنني لم اتوقف عند هذه الرسالة وهاجرت وطرقت باب المعهد وعرفته عن نفسي وذلك لإصراري ورغبتي وايماني بذلك معاصري قال: لبنان تأخذه معك أينما ففي الغربة جسدك هناك وتنام في غرفة فرنسية وأميركية وبرازيلية لكن روحك وعقلك في لبنان سوى لمن يقنع نفسه بأنه يغادر نتيجة قرف وبأنه حيث يوجد هو المكان الصحيح.
ودعا الدولة الى أن “تحل عن ضهر الفن والثقافة” مستبعدا التطرق الى تعاطي وزارة الثقافة وما يجب فعله في هذا الاطار قائلا: عندما تعلم ان ادنى موازنة لوزارة الثقافة تعلم انك في ورطة وهم لا يدركون ان ما يجعل البلد يتطور ويتقدم هم الفنانون والثقافة التي يملكها أبناؤه وأضاف: الدولة التي تضع الثقافة في اسفل اهتماماتها وقعر اللائحة لا لزوم للبحث معها في الثقافة. معاصري الذي يشارك في فيلم “بالصدفة” الذي سيبصر النور قريبا ً أشاد بأداء باميلا الكيك التي قال انها ملتزمة وجدية والطاقة التي تملكها جميلة مشيرا الى أن الجو الذي كان موجوداً بين الفريق جيد جداً وأحب العمل معهم. ويوضح أن علاقته بالـ day 2الشركة المنتجة مميزة وعندما تتعرف على اشخاص وتبني علاقات مع اشخاص مخلصين وجديين وصادقين بوعودهم يصبح هناك نوع من الصداقة التي تجمع بينكم مشيرا الى أنه عند عرض الدور قبل به .
ويتابع معاصري: باميلا تحاول العمل على ادائها أكثر من المظهر الخارجي الذي يسعى اليه الكثيرون في الوسط ولسوء الحظ ان الممثل يذهب نحو الموضة أكثر من الدور الذي يلعبه.
أما عن باسم كريستو كمخرج سينمائي للمرة الأولى قال: هو هادئ وينتظر إنضاج العمل ويملك الصبر الكافي . معاصري الذي يرفض كلياً اعطاء النصيحة للممثلين الذين يشاركونه العمل وإذا طلبوا نصيحة منه يطلب منهم التوجه الى المعنيين وتحديدا المخرج الذي يملك النظرة الكاملة للعمل كشف عن انه يمكن أن يشارك رأيه مع المخرج في جلسة خاصة.
وأين هو معاصري اليوم من الجوائز التكريمية؟ يجيب: غير مطلع كثيرا عليها وهي كثيرة وقبوله بالمشاركة في أي حفل تكريمي يحدده في وقتها مشددا على ان الفن قيمته منه وفيه وهو وسيلة وليس غاية والفن هو في خدمة الانسان.
وعن عودته من الولايات المتحدة للعمل في لبنان ووضع خبرته في اعماله، وهل من عمل مدلل اشار الى ان كل تجربة لها خصوصيتها ولا تفرقة بين الاعمال تماما كما الاولاد وعلى الممثل قراءة العمل جيداً وتقييمه واختيارها وكل ما وقع اختياره عليه كان مبنياً على ذلك والادوار التي لم تعجبه لم يقبل بها. وماذا يفضل بين المسرح السينما التلفزيون والتمثيل الاخراج والكتابة يقول: إذا كنت قادرا على القيام بها جميعها لا اتردد والقصة ليست براعة بل ايمان الشخص بما يقوم به ويبقى الفن وجهة نظر. ورأى أن هناك الكثير من اللغط في الدراما اللبنانية معتبرا أنه يوم يفقد المسلسل هوية بلاده لا يهمه واصفاً محاولة ثورة الفلاحين بالجميلة وفيها نقاط قوة وضعف أيضاً. معاصري لا يحبذ كلمة نقد بل أن يكون المصطلح تقييما للعمل وهو لا يتردد في إعطاء النصيحة لمن يطلب منه معتبرا أن كل الممثلين لديه جوانب جيدة واخرى غير جيدة رافضا مبدأ إطلاق الاحكام على اي عمل . وعن مسرحية ميلاد يسوع المسيح وهي أول مسرحية في معهد الرسل بعد عودته من اميركا لديها مكانة خاصة فكانت أول نتيجة يحصدها بعد الدراسة وتجربة غارو أيضا . غارو مدبلج الى المصرية وأخذت الحرب معها النسخة الاصلية. ومن بين أعماله، واحد يجمع الراحلين ملحم بركات وداني بسترس “ومشيت بطريقي” وعن سبب اختيارهما يجيب: عندما ترى القدرات التي يملكها الشخص لا يمكنك تجاهل ذلك وكانا يليقان ببعضهما البعض في العمل وشهرتهما طبعاً ساهمت في نجاح العمل. وقبل الحديث عن الحرية المطلقة في الفن، دعا الى التعريف عن مصطلح حرية فهي كلمة مطاطة والانسان بطبيعته البشرية يملك الانانية وعملية الدفاع عن الوجود والبقاء وقد أخذ الامر مئات السنوات لتحويلها من الانانية الى الاعتراف بحق الاخر في الوجود مشيرا الى أن التعريف عن الحرية تماما كما التعريف عن الحب. وردا عما حصل فيما خص مشروع ليلى تفادى الحديث عن ذلك، معتبرا أنه ليس سهلا طرح الموضوع من منطلق التأييد أو الرفض فقط.
Leave a Reply