حوار : لين ضاهر – لبنان
فنانٌ أصيل ومتواضعٌ كبير
فنّانٌ منذ صغره، سار وراء شغفه وحقق نجاحات باهرة حفرت إسمه في سجل الفنانين الكبار. خطّ مسيرته الفنيّة بتأنٍّ ودارسة فخرق صوته الجميل قلوب كبار الفنانين كوديع الصافي وملحم بركات ورغم ذلك حافظ على طبيعته ورفض التباهي بنفسه. له أغنيات عدّة لا نزال نرددها حتى يومنا هذا مثال “خليلي مزاجك رايق” وبتتذكّر يا علي” واكثر من 300 لحن لنخبةٍ من الفنانين. أميرٌ بوسامته، وسام الأمير ظاهرة فريدة نكتشفها في مقابلة عفويّة.
كيف كانت بداية شربل مغامس قبل وسام الأمير؟
أحب الفن منذ صغري. أحببت الغناء ولم أتأثّر بعائلتي أبداً التي كانت بعيدة كل البعد عن الفن. عندما كنت في الثامنة من عمري شعرت بأنني أحب الغناء رغم أنني لم أكن أعلم أن صوتي جميل فلم يقل لي أحدٌ ذلك. كنا ننام أنا وأخي في الغرفة نفسها وكان يضع أغاني لوديع الصافي ونديم غزالة وصباح فخري وينام على أنغامها. “أيّ شيء في العيد أهدي إليك يا ملاكي” كانت أوّل أغنية حفظتها وغنيتها. وفي عمر التسع سنوات، بدأت بخدمة القدّاس في بلدتي دير القمر بجرأةٍ كبيرة. في تلك الفترة لم يكن هناك جوقة لا بل كان الخوري وشخص صوته جميل يرنم التراتيل. في العاشرة من عمري، أتى إليّ رجلٌ يدعى محمود الدويسي له ولدٌ يغنّي الزجل إسمه هشام لا يزال حتّى أيّامنا هذه وطرح عليّ فكرة تأسيس فرقة زجل بإدارته فوافقت ودخلت الفرقة إلى جانب ولده والشاعر ريمون سعد والشاعر عصام زهرالدين وظهرنا في برنامج للاطفال على تلفزيون لبنان إلى أن أصبحنا متمرسين نحيي المهرجانات والحفلات.
هل كنت الأصغر سنّاً؟
كنّا من العمر نفسه تقريباً لكن أحداث 1974 و1975 أبطلت الجوقة. بعد هذه التجربة تشكّلت لدي معرفة في الأوزان والقرّادة والمعنّى والغزل والقصيد والشروقي. كنت أعمل في خلال فترة الصيف فجمعت مبلغ 50 ليرة اشتريت فيه طبلة وكنت أحب الإيقاع جدّاً.
ألم يعارض أهلك دخولك فرقة الزجل؟
نعم بالطبع عارضوا وحتى عارضوا شرائي للطبلة “عملتلن طوشي بالبيت” فهم بعيدون كل البعد عن الفن. وفي الصيف الثاني، عملت في تقشيش الكراسي عند رجلٍ أعمى لكن أهلي عارضوا عملي في البداية حتى تم إقناعهم بذلك فجمعت مبلغ 250 ليرة اشتريت فيه أكورديون. في عمر 17 -18، كنت أقيم الحفلات مع رفاقي في المنازل حتى سنتي 1983-1984 وقت الاجتياح الاسرائيلي. في هذه الفترة، رفض أبي بقائي في المنزل وكان يطلب مني إيجاد عمل غير أنني كنت متكبّر آنذاك إذ اعتبرت صوتي جميل وعليّ ألاّ أعمل في مجالات أخرى. فتوجهت إلى بيروت حيث كان يسكن أخي في منطقة الحدث ويعمل في مجال الديكور. عملت معه وفي يوم من الايام أرسلني إلى سناك لشراء طعام للغذاء. يتألف السناك من 2 كونتينر إحداهم سناك والثاني محل فيه ألعاب للصغار. انتظرت في الغرفة الثانية الفارغة “وصرت رندح” وبعد 10 دقائق دخلت إليه لتفقد ما إذا كان قد انتهى من إعداد السندويشات فوجدت طاولة ممدودة وكاس عرق. طلب منّي الجلوس فرفضت بحجة أن أخي ينتظرني لكنه أصرّ حتى جلست. فسألني عن عملي وطلب مني الغناء وقال لي أنه يسهر كل سبت في مطعم في الفيّاضية اسمه ضهر الشير ودعاني إلى الحضور نهار السبت واعداً إياي بالغناء وقال إنه سيتحدث مع صاحب المطعم. ذهبت إلى المطعم نهار السبت وغنيت أمام 30 شخصاً إلى جانب مطربين مهمين. عندما صعدت إلى المنصة سألني رئيس الفرقة عن الطبقة التي أريدها فلم أعرف وقلت له الطبقة نفسها التي غنّى فيها المطرب السابق. غنيت بيت عتابا ومن ثم “يا موسيقي يا حنون” لسمير يزبك ففرح الجمهور بي وطلب مني المزيد من الأغاني فغنيت أغنية “خطرنا على بالك” لطوني حنّا. بعد أن أحبني الجمهور طلب مني صاحب المطعم الغناء كل سبت لمدة نصف ساعة او أكثر فغنيت لخمسة أو ستة أسابيع من دون مقابل بعدها عرض عليّ مبلغ 100 ليرة في الليلة فوافقت إذ كنت أعمل طوال الأسبوع حتى أجمع 50 ليرة.
في المطعم، مطربة تدعى ضحوك أحبتني كثيراً وطلبت من رئيس الفرقة تعليمي المقامات… فأصبح لدي شغف أكبر للتعلّم. ذهبت إلى ميشال قرقش صاحب معهد في الدكوانة وهو عازف على العود ويسكن في باريس مع زوجته الآن التي تعزف على البيانو فتعلمت هناك لمدّة 3 أشهر. بعدها وضعني مع تلاميذ السنة الثانية لأنني كنت مجتهداً.
في هذه الفترة أصبحت مشهوراً جداً بإسم شربل مغامس وفي مرّة من المرات عندما كنت أغني في كازينو عجلتون أتى النادل وأخبرني أن سيّدة ما تود مقابلتي فقابلتها وعرضت عليّ الغناء في مطعمها في باريس فوافقت. سافرت إلى باريس على أساس الغناء لمدة شهر في مطعم بيبلوس لكني بقيت سنة كاملة وتعرفت على وديع الصافي في كنيسة يجتمع فيها اللبنانيون كل أحد. كنت أرتّل هناك وأتى ليرتّل إلى جانبي فانتابني الخوف وارتجفت للأمر. تعرفت عليه وطلب مني أن أزوره في بيته وهكذا حصل. استفسر عن سبب وجودي في باريس وقال لي ان صوتي جميل وأنّه سيسجّل لي موالاً لأحفظه وفي حال نجحت بذلك أكون مطرب مهم فحفظته في 3-4 أيّام وعدت فاندهش وقال لي أنه سيأتي إلى المطعم ليستمع إليّ. زيّنت المطعم وأعلمت صاحب المطعم ان الاستاذ وديع الصافي آتٍ فلم يصدقني. أتى مع روميو لحود وزوجته وجورجينا رزق على ما أعتقد. كان فرحاً جدّاً وقال لي “إنت يا ابني بتغني بخبرة مطرب صرلو 30 سنة بيغني” وطلب مني تغيير إسمي لأن شربل ليس إسم فنّي.
بعدها عدت إلى لبنان وتوجهت إلى صديقي الشاعر نبيل عبدو فاخترنا إسم وسام الأمير وقلت له علي عرض الاسم على جورج ابراهيم الخوري والتعرّف إليه بحجة الإسم. لكنني اعتمدت اسم وسام الأمير قبل الالتقاء به في مقابلة على تلفزيون لبنان مع رياض شرارة حيث غنيت “أمانة عليك يل ليل طوّل”.
في هذه الفترة، كانت مجلة الشبكة “تطلّع فنان تنزل فنان” وكان لـ جورج ابراهيم الخوري صفحة مهمّة كثيراً إسمها Carte Blanche. كنت أشتري المجلّة كل أسبوع وبينما كنت أقلّب بصفحاتها رأيت صوري وعبارة “لقد ولد لنا مطرب جديد” في صفحة “Carte Blanche”. فقصدته وشكرته وعرّفته عن نفسي فشجّعني على المضي باسم وسام الأمير. بعدها بدأت بتأليف الأغاني مع زياد بطرس ونبيل أبو عبدو وجوليا قبل أن تشتهر. أعدّ لي 3 أغاني سجلتها في استوديو بعلبك وفي الوقت عينه كنت أعمل على إنتاج ألبومي الخاص.
ذهبت إلى ملحم بركات وقلت له أريد أغنية منك فطلب مني إحضار شريط كامل لحفلة غنيت فيها وفي حال وجد صوتي جميلاً يعطيني لحناً. احضرت الشريط وطلب مني العودة بعد أسبوع فعدت وقال لي “صوتك كتير حلو بدي أعملك غنيّة”.
ما كان إسم الألبوم؟
شو ما كان يكون دينك.
لمَ لا يقولون وسام الامير غنى كذا وكذا؟
الجيل الجديد يعرفني بأغاني “بتتذكر يا علي” و”بنت الجامعة” و”خليلي مزاجك رايق” وكملحن ولكن من عاصرني يعرف بداياتي.
لم يقبل ملحم بركات إعطاءك أغنية قبل التأكد من جمال صوتك أمّا أنت فقد أعطيت فنانين لا يملكون صوتاً جميلاً كهيفاء.
تغيّر الفن مع الزمن وتغيرت مقاييسه، غاب الموال والأغاني الطويلة إذ يعتمد الفن الآن على الأغنية فيقولون اليوم الأغنية جميلة أو غير جميلة لكنهم لا يقولون صوته جميل أو غير جميل. وأنا آخر من أعطى هيفاء بعد الياس الرحباني وملحنين كبار.
لماذا لم تشتهر كفنان أكثر من ملحن؟
لم تكن ظروفي جيّدة ولم أملك إدارة وأنا شخصيّاً لا أحسن الإدارة. كنت أواجه مشكلات مع شركات الإنتاج إلى أن وقّعت على عقد مع روتانا لكنهم كانوا يسجلون الأغاني ويعدّونها فحسب لا أكثر ولا أقل. وقد طغى نجاحي الكبير في التلحين على إسمي كمطرب .
هل فشل إسمك في الغناء لأنك لحّنت أغانٍ لفنانين طغى اسمهم عليك؟
كلا فأسماء كثيرة نجحت أكثر بألحاني وأنا لي فضل في نجاحها.
كم تتقاضى على اللحن؟
لا سعر محدد. بعض الأحيان أقدم لحن من دون مقابل وفي أحيان أخرى أحدد المبلغ ولا أقبل سواه.
على مَن تعتب؟
“راح العتب”. على الفنان أن يقدّم صورة مثالية للناس .
هل ما زلت ترنم في الكنيسة؟
طبعاً، وقد لحنت ألبوم تراتيل كامل لفارس كرم “كان عنده ندر للعدرا”.
أنت من مواليد 1965، ما الذي تغيّر فيك حتى العام 2016؟
أنا الفنان الوحيد الذي لم يغيّر الفن فيه شيئاً وبقيت على طبيعتي. لا أزال أرافق رفاق الطفولة “ما كبرت الخسّة براسي”.
كم يبلغ رصيدك في البنك؟
-30000 (يضحك) بالفعل أنا لا أكذب عليكِ.
هل ستتأثّر بعودة زوجتك نريمان إلى الرقص؟
قدّمت اعتزالها في السابق لأنّها كانت تريد تأسيس عائلة ولطالما كان عملها نظيفاً. هي تقرر عودتها إكراماً للناس الذين يحبونها. قالت إنها ستعود إذا وجدت مكاناً يليق بها وبالفن الذي تؤديه. عودتها مشروطة بشركة إنتاج وsponsor. اللحن الأوّل الذي لحنته لها نجح بشكل كبير “حبة حبة بالدلال”. والآن حضّرت أغنية ديو لها ولشقيقها ميشال عبود وفي الوقت نفسه عمل استعراضي من تلحيني وكتابتي ستقدّمه بشكل استعراضي.
ألن تغار عليها؟
لطالما غرت عليها لكن ليس بسبب رقصها.
هل قمت بعمليات تجميل؟
(يضحك) “لا والله شويّة بوتوكس بالجبين”. ولا أجد عمليات التجميل عيباً.
هل أنت واقع في الدين؟
الحمدلله كلا.
هل سيستلم أحد أولادك مسيرتك الفنيّة؟
الفن غير وراثي لكن طبعاً البيئة تؤثّر. أنا شخصياً لم أشجعهم، ابني الصغير يعزف على البيانو ويغني قليلاً. همّي الأوّل إكمال تعليمهم.
أين ترى الفن العربي بعد 10 سنوات؟
سيتغيّر برأيي فسيتبع الفن الغربي لأن الأجيال متجهين نحو الغربي.
ما جديدك؟
أحضّر ديو مع زين العمر وأقوم بتلحين 4 أغان لألبوم نجوى كرم وأغنية لهشام الحاج وأيمن زبيب وملحم زين وعامر زيّان وفارس كرم وناصيف زيتون ويارا. وأعمل على مشروع فنّي صغير أتحدّث عنه لاحقاً.
هل سنراك في لجنة تحكيم؟
لست أنا من أرفض فالهدف من هذه البرامج الربح المادي والمعنوي.
Leave a Reply