فقدان الوالدة فاجعة كبيرة ، فهي سراج البيت ونوره وهي ركن كبير من أسس بنيانه.. هي أنشودة الحياة ورمز مؤثر في التواصل بين الذات والكائن الاكبر .. هي جمالية روح متجسّدة بأحاسيس وكتلة مشاعر تذوب وجداً وتضحية أمام فلذات كبدها .. هي إنسانة مترّفعة عن إنشغالات ومباهج الدنيا ، فلا يعنيها تاج ولا يغّرها صولجان .. يكفيها فقط أن تقدّم باقات عمرها أناشيد حبّ لمَن أوجدتهم في الحياة .. وهنا تكمن سعادتها التي لا تعلو عليها سعادة … وبفقدانها .. يهتّز مدماك البيت الكبير وتصبح الحياة بلا أنشودة عطر ولا رشّة حنان..
ولا يستشفّ هذا الشعور الاّ مَن كان غزير الإحساس ورهيف الكلمة النابعة من منهل الشفافية البكر كحال شاعر العرب الكبير ” أسير الرياض ” الذي قست عليه الحياة وأفجعته بالسيّدة ” والدته العزيزة ” حينما إختارها الله الى جانبه – وهذا أمر الله وقدره – وهو الشاعر المُلهم الذي إقترن إسمه بكبار الفنانين وكانت كلماته الدعم الوافر لهم ..
وقد عبّر عن حزنه الشديد بقصيدة رثاها فيها تحمل عنوان ” مرثية أمي ” فكتب فيها عن تلك الحبيبة والصديقة والقلب الكبير والتي يقول مطلعها :
يوم الثرى غطا وغيب جسدها
حسيت كن الكون بغيابها غاب
أمي ومن لي في حياتي بعدها
من عقبها احس مالي احباب
ودعتها والروح ودع سعدها
كني معاها صرت في لحد وتراب
الحزن مكنون الحنايا وردها
والدمع من عيني على الخد صباب
يجرح فراق الأم خاطر ولدها
رغم الحضور بس بالكل غياب
يمه بكت سور البيوت وعمدها
فقدك وطيب العيش للقلب ماطاب
يالله عدد كثر النجوم بعددها
تكتب لها جنه بها خير الاطياب
والنور يملا قبرها مع لحدها
من رحمتك يالخالقي رب تواب
فقدتها والكون كله فقدها
لكن قدر والموت مكتوب بكتاب
الله يرحمها عدد من سجدها
والله يصبرني لو القلب منصاب
من موقع ” حلو الفن ” نتقدّم من الشاعر الكبير ” أسير الرياض ” بأحرّ التعازي ، سائلين المولى عزّ و جلّ ان يتغمّد الغالية بوافر رحمته ويسكنها فسيح جنانه وأن يلهم شاعرنا واهلها نعمة الصبر والسلوان .
Leave a Reply