لم أتفق يومًا مع القول المتوارث “زينة المرأة شعرها”. هذه القناعة المتجذرة في عقول النساء في واحتنا العربية لقاتلة، لا بل مجرمة، تذبح كل يوم آلاف الفتيات. تأسرهنّ في قفص مبنيّ على أحلام واهمة. فتتنافس الفتيات في المدارس لإظهار شعر ناعم، طويل، لامع وكثيف. لا تتأخر وسائل الاعلام في دعم هذه الفكرة وتغذيتها عبر اعلانات مساحيق الشعر المتنوعة. فبماذا نشعر نحن صاحبات الشعر التعيس والمتعب؟
بالدونيّة!!…
تولد لدينا عقدة نقص مختلفة لم يفكر بها فرويد نفسه، أو أنه فعل!.
عام 1993 عانت خمسة عشر فتاة في ايطاليا من قاتل متنقّل يستهدف شعر النساء الطويل في الباصات والشوارع، سلاحه المقصّ وهدفه إعدام كل ما أمكن من شعرهنّ.
يعتقد فرويد أن الرجال الذين يقصون شعر الإناث الطويل قد يمثل خوف الرجل من الإخصاء. أي أن شعر المرأة يمثل قضيبًا رمزيًا وأن الرجل يشعر بالهيمنة بقطعه. وبالتالي فإن عملية إنماء الشعر وحب المرأة للشعر الطويل حسب فرويد يشكّل بديلًا يشبع الرغبة المستحيل تحقيقها في امتلاك قضيب. ما يدفعني للإستنتاج أنه كلّما كان الشعر أطول كلما تشبع الرغبة أكثر!.
لا يوجد دليل تجريبي على الإطلاق لهذه التحليلات ولكن فرويد هو واحد من الأشخاص القلائل الذين قدّموا تفسيرًا نفسيًا.
حين حلقت رأسي منذ عدة سنوات وصفني البعض السخيف بأنني رجل. فبرأيه وبكلماته:
“المرأة بلا شعر ليست امرأة. لا يمكن أن تكون إمرأة. هي بالتأكيد تريد أن تصبح رجلا”. وهي نظرية أتت على لسان رجل عاديّ، إن صحّ التعبير، من المجتمع.
لكن إذا ما إنطلقنا من وجهة نظر عالِمٍ عالميٍّ ومتخصّص مثل فرويد، هل يعني أن فعل حلقي لرأسي هي محاولة لقطع قضيب وهميّ أرغب كإمرأة في امتلاكه؟؟؟.
إن صحّ هذا الأمر، فعملية حلقي لرأسي تجعلني إمرأة أكثر من كل نساء العالم.
حين حلقت رأسي لم أكن أفكر في فرويد. ما كنت أفكر فيه هو تجربة وددت خوضها.. وفعلت.
أوّل ما أحسست به عندما تحرّر رأسي من هذه الزوائد البروتينية التي تنمو على أجسامنا نحن الثدييات، هو الهواء. اكتشفت حينها فعلاً الهواء. ببساطة. وبعدها، تعرّفت بشكل جديّ وفعليّ على الماء. وبالنسبة لي تلك أسباب أكثر من كافية تدفعني لحلق رأسي مرة أخرى.
وبصراحة كاملة كنت أشعر وقتها، وما زلت، بإمتياز كبير عن بقية النساء. من لم تحلق رأسها من قبل لم تتّحد مع الطبيعة حتى الآن.
تحليلات البعض التي تغوص في أعماق وخلفيات هذه العملية لا تعنيني. يسمونها ثورة، أو محاولة للتحرّر، أو إثبات للنفس، أو نتيجة إكتئاب، أو رفض للمجتمع الذكوري، أو محاولة لإجتذاب الإهتمام، أو سخافة او فعل متهوّر، أو… أو… أو… لست من الأشخاص الذين يطلقون الأحكام على غيرهم.
تبقى عملية حلق المرأة لرأسها مسألة شخصية وخيار خاص بها. لكن ما أنا متأكدة منه هو أن الشعر ميت. تمامًا كما بعض النساء التي ترتديه.
Leave a Reply