حلّت الفنانة غادة شبير ضيفة على برنامج “نجوم وأسرار” الذي يعدّه ويقدّمه الإعلامي جوزيف بو جابر، عبر إذاعة لبنان 98,1 و98,5 .
بدأت غادة حديثها عن مرحلة الطفولة، قائلة “أنا ولدت في غوسطا في كسروان، وربيت بين غوسطا وبين جونية، وكانت معظم طفولتي مع الأهل والإخوة ، وأغلب الوقت كنا نجتمع في الضيعة، ولم نكن نخرج كثيراً كما اليوم، طفولتنا كانت بسيطة في المنزل، وكنت أستمع إلى الموسيقى، لكن لم أكن حينها أدرسها، وكنت أحب أن أسمع وأحفظ، وأن أرى غيري ماذا يقدم، من دون أن أعرف أن هذا الأمر هو تقنية”. وأكدت غادة أنها منذ صغرها تهوى الآلات الموسيقية، وقالت “كنت في البداية أعزف على البيانو ، ثم توقفت لأن والديّ لاحظا أن العزف يبعدني عن دراستي، فأنهيت دراستي ثم دخلت معهد العلوم الموسيقية”. ولفتت غادة إلى أنها كانت عنيدة في طفولتها، قائلة “يقولون لي إنني كنت عنيدة، لكنني كنت هنية، ولم أكن تلك المتطلبة، وإذا لم يعجبني شيء كنت أتمسك بموقفي، ولم تكن كل طلباتي تنفّذ، وإذا لم يتم تنفيذها كنت أجلس في غرفتي وحيدة، ولا آكل شيئاً، وأقوم بإضراب، وأحياناً كانوا يتركونني ليروا إلى أي حد سأصل، ثم يأتون ويراضونني عندما أبدأ بالبكاء”. هذا وأشارت إلى أنها لم يكن لديها الكثير من الأصحاب، وقالت “لم يكن لدي سوى أصحاب المدرسة، وأصحاب الحي الذي كنا نقطن فيه، اليوم أضيف إليهم أصحاب العمل، وكان الناس مختلفين عن اليوم، أما ناس اليوم فلديهم الكثير من الحفلات وغيرها من الأمور، طفولتنا كانت بريئة وكانت بسيطة”.
وعن أول حب ، قالت غادة “كنت حينها أدرس الموسيقى، وكان عمري 17 عاماً، وكان حباً بريئاً، وعندما أتذكر اليوم حقيقة كنا نحب بعضنا كثيراً، وكانت لدي دراستي، وبالنسبة له الشيء نفسه، وكان من جيلي، ولم يكن هناك أي شيء سوى الحب البريء”. وتابعت “الحب الثاني وصل إلى قرار الزواج، وكان ذلك في عمر 25 عاماً، ثم تراجعت عن هذا القرار لأنني شعرت بأنني لست قادرة على إسعاد ذلك الإنسان، وأظن أنه كان يستحقّ شخصاً يسعده أكثر مني، وهو فعلاً إنسان رائع، فقلت في نفسي هو بحاجة إلى إنسان يحبه أكثر مما أنا أحببته ، فإذا لم تعطِ الشخص الذي تحبه لن تعيش بسعادة”.
أما بالنسبة للأيام المدرسية، فقالت غادة “كنت مُقلدة من الدرجة الأولى وكنت أكتب على دفتري كل ما كان يحصل خلال العام الدراسي، وعندما كنا نقوم بحفلة العام الدراسي، كنت أكتب نصاً مسرحياً وأقوم بتقديم الشخصية من البداية حتى النهاية مع الحوارات واللبس، وكان لدينا أستاذ إذا فك حزامه كان يقوم بوضع دبوس، وكنت أقوم بتقليده”. وأضافت “كنت مجتهدة في مدرستي، خصوصاً باللغة العربية والإعراب والعروض حيث كنت أشعر بأن هناك شيئاً من الموسيقى بداخله، كما كنت أحب الرياضيات أيضاً، والشخص الذي يريد أن يدخل مجال الموسيقى يجب أن يكون لديه عقل علمي إلى حد ما”.
وعن حفلتها الأولى كفنانة محترفة ، قالت “كان هذا عام 1998 في الأونيسكو ببيروت، وكانت حفلة للسيد درويش، وتقاضيت عليها 12000$، كنت حينها قد أنهيت دراستي، وكان الشاعر الراحل جورج جرداق قد عرفني إلى الشاعر عبد العزيز البابطين، وكانا يحضران لشيء مهم جداً، فكانت هذه الحفلة، وأنا منذ بدايتي لم أكن أغني في المطاعم ، وكان هذا وعداً مني لوالدي”. وأضافت “ما تقاضيته عن هذه الحفلة إستخدمته لإطلاق CD خاص بي، ثم بعد فترة قمت بتسجيل عمل ثانٍ لي، وكان المبلغ حينها جيداً جداً”.
وتحدثت غادة عن موقف محرج تعرضت له ، وقالت “مرة كنت في باريس، وكان لدي حفل هناك، فأخذت معي أكثر من فستان، وأثناء دخولي إلى مسرح، سمعت فستاني يتمزق، وكان الناس بدأوا يصفقون، وفي كواليس المسرح هناك العديد من الأشخاص الذين يهتمون بالفساتين والتطريز ، فقمت بتبديل ملابسي، ولم أعرف حينها ماذا إرتديت ، فأطللت على المسرح وأنا أفكر في حال الفستان إذا ما كان كل شيء على ما يرام”. وإستذكرت غادة موقفاً محرجاً ثانياً مع رفيقة دربها “سيدة القانون” الراحلة إيمان حمصي، فقالت “كنت وإيمان سنطل على المسرح وكان شعرها “سبايكي” فسألتني كيف سأدخل إلى المسرح بهذا الشكل ؟ فقلت لها “لدي شيء مثل البرق فتظهرين بشكل أفضل”، لكن في الداخل لم يكن هناك إضاءة، فوضعت أنا أيضاً من ما وضعته على شعرها ، وعندما صعدنا على المسرح بدأنا نضحك على بعضنا بسبب ما وضعناه على شعرنا ، ولكننا أكملنا الحفل ، وكل الليل بقينا نضحك”.
وعن حزنها بفقدان إيمان حمصي إنسانياً وفنياً، قالت غادة “على الصعيد الإنساني خسرت الإنسان الطفل الذي بداخلها، هي إنسانة صادقة ومتفانية في العطاء وكنت أعطيها العمل وأرحل، وكنا نبقى لوقت طويل نعمل لنتأكد من أن كل شيء على ما يرام، فهي كانت متفانية جداً في عملها، هي أخت وصديقة ورفيقة الدرب، والشخص الذي آخذ رأيه، وكنت أؤمن بأن رأيها صادق ونابع من خبرتها، إيمان لا تعوّض”. وأضافت “كل من هم حولي ويرافقوني دائماً هم مثل إخوتي، لكن على حد قول عاصي الرحباني، لا فنان مكان فنان ولا عازف مكان عازف، صباح لا تعوض، ملحم بركات لا يعوض، حتى لو أتى فنانون جدد قد يأخذون شخصيتهم لكن لا يأخذون مكانهم، فالشخصية التي أحببتها وأنت رأيتها لن تراها في غيرك”. وتابعت “وفائي لإيمان يأتي لأنني أنا عازفة قبل أي شيء آخر، صحيح أنني نلت الدكتوراه لكنهم لا يقلون شأناً عني، فهم لديهم دراسة وخبرة، وأنا دائماً أقف في مكان يتيح لي النظر إلى الفرقة كي ينظر الناس إليها، لأن نجاحي في الحفلة يقوم على نجاحها هي أيضاً، وكل شخص موجود معي على المسرح هو فنان، وأنا وإيمان وصلنا إلى مكان في الفترات الأخيرة لم نكن نتعامل كعازفة ومغنية بل 50% منها كفنانة، وصلنا إلى وقت من كثر حب إيمان للعمل بالتوزيع والعزف على القانون، أصبح من غير الطبيعي ألا تكون مثلي مثلها في العمل، وألا تتقاضى مثلي مثلها”.
وبعد سؤالها “هل أخذت حقك من الإعلام والصحافة؟”، قالت غادة “التقصير من الممكن أن يكون من ناحيتي، فأنا أحب الإختباء وأعمل على السكت، ومنذ 20 عاماً لم يكن أحد يتكلم بالسريانية، أما اليوم فكل الناس أصبحوا يعرفونها، وأنا قدمت 15 حفلاً من خلال هذه الأعمال ، ولكني لست من النوع الذي يحب العلاقات والمعارف الكثيرة، فهذا الأمر يتعبني، ففي أوروبا لدي من يعمل لي، وتعاقدت مع فرقة هناك، والأعمال التي أقدمها خارجاً تقوم على ذهابي للقيام بالحفل فقط، وأقدمه على مستوى عالمي، أنا إنسانة علمية وعملية”. وتابعت غادة “منذ فترة وجدت ثلاثة كتب موشحات، وأخذت على نفسي وعداً بأن أحفظ موشحاً كل أسبوع، لأنني لا أقبل بأن أكون مسؤولة عن فرقة عربية ولا يوجد لدي 100 موشح عبارة عن مخزون، أنا شخص يحب العمل، وصادق مع نفسه قبل أن يكون صادقاً مع الناس”.
وعن جديدها، قالت غادة “حالياً أحضر لمؤتمر بين 14 و21 تشرين الثاني في الأردن، بدعوة من الجامعة الأردنية، حيث دعاني عميد القسم الدكتور أيمن تيسير صديقي منذ أيام الجامعة، وسأقدم محاضرة بموضوع “كيف نحارب الإرهاب بالغناء والموسيقى”، فسيكون هناك كلام عن نمط الغناء الذي يقدم للناس وعن الفكر الذي تعطيه للطفل منذ صغره، والإنسانية والوطنية وعن الحب والعطاء وحب الأرض والوطن، فيمكن للموسيقى أن تلعب دورين، فقد تزرع الشيء الجيد أو السيئ والموسيقى هي أساساً باللاوعي لدينا، وإذا لم تكن مدروسة وجيدة فقد يكون دورها معاكساً وتلعب دوراً إرهابياً، في الفترة السابقة تم بث أغنية على التلفزيون، كلما أسمعها يخفق قلبي بسرعة من الخوف، لأنني أعرف أن خلف هذه الموسيقى ذبحاً وقتلاً”.
وتابعت غادة “سأقدم في 23 من الشهر الجاري حفلة طربية، غناء عربياً وموشحات، أنا والدكتور أيمن تيسير، وسأعود إلى لبنان حيث سأشارك وسأمثل جامعة الروح القدس في مؤتمر في 13 كانون الأول المقبل، عن دور الموسيقى العربية وإنتشارها، وأهمية موسيقى القرن العشرين ، ولدي حفلة في 18 كانون الأول ضمن مهرجان “بيروت ترنّم Beirut Chants” حيث سأقدم بعض الأغنيات السريانية، منها 6 ألحان لي ، ومن كلمات “مار أفرام السرياني”، وفي 19 كانون الأول هناك حفلة عن الشاعر والأديب أمين نخلة حيث أقوم حالياً بتلحين قصيدتين له، وفي 20 كانون الأول سأشارك في حفل عيد الميلاد في جامعة الروح القدس في الكسليك، وبعد العيد سأتوجه إلى البحرين ورومانيا وغيرهما من الدول”.
وفي القسم الأخير “أعطيني سرك”، أكدت غادة أن أسرارها مع شقيقتها، وقالت “أسراري مع شقيقتي “ألين” الأصغر مني سناً، وهي من الناس الأذكياء جداً وإذا أعطيتها خبراً تعطيني رأيها بكل صراحة، ورأيها يعنيني جداً، وهناك إحدى صديقاتي التي ألتقي بها كل أسبوع ونتشاور في بعض المواضيع”.
وعن أصعب قرار إتخذته، قالت “أول قرار صعب كان دخولي مجال الموشحات، حيث هناك العديد من الليالي لم أنم خلالها فكنت أخاف من ما سيقوله الناس، لكن كقرار مصيري لم أمر بشيء يندرج تحت هذا المسمى”. أما بالنسبة لأقسى درس تعلمته، فقالت غادة “أنا شخص قلبي طيب وأصدق سريعاً، وإذا تكلمت مع إنسان لا أفكر إذا ما كان صادقاً أو لا، ودفعت أحياناً ثمناً مادياً مقابل ذلك ، حيث كان البعض يقول لي “إذا لم تساعدينا سنموت”، وبعد فترة لا يعودون يكلمونني، لماذا؟ هل لأنني كنت جيدة معهم؟ فكنت أحزن وأبكي، إلى أن طلب مني والدي أن أنتبه، لأن الشخص الذي سأتعامل معه بهذه الطريقة سأخسره، فعدت تعلمت أن أتروى قبل أن أنفعل وأتصرف”.
وقالت غادة “بالحياة عموماً أشعر بأنني مقصرة بحق نفسي، أنا إنسانة شغوفة وطموحة، وإذا كنت أجلس بين بعض الأصدقاء أشعر بأنني أحترق لأنني لا أنفك عن التفكير في الموسيقى، فأنا متعلقة بمسؤولياتي الفنية كثيراً، وأطلب الدقة في عملي”. وعن الأمور التي تبكيها قالت “دائماً أبكي، بخاصة في الفترات التي مرت من حرب وقتل للأطفال أو أي تعذيب في العالم، أبكي كثيراً وأحزن جداً ولا أتحمل عذاب الناس، إضافة إلى وفاة شقيقي عندما كنت في الخارج، وهذه هي المرة الأصعب التي إنتقلت بها في الحياة من مرحلة إلى أخرى”. وأضافت غادة “في تلك الفترة عرفت قيمة أخي أكثر من قبل، حيث لم يكن يخطر في بالي أن أفقد أحداً من عائلتي، وما حدث هو أنني كنت في فرنسا وكان لدي 4 حفلات هناك وإلتزامات كبيرة مع الكثير من الأشخاص والموسيقيين ، فلم أكن قادرة على العودة إلى لبنان للمشاركة في وداع أخي، حينها وقفت أمام قرار مصيري، إما العودة إلى لبنان أو أن أعضّ على جرحي ، وهنا أقاموا مراسم الدفن ولم ينتظروني ، أتيت ولم أجد شقيقي، وكانت أصعب لحظة في حياتي”. وتعليقاً على عبارة جوزيف “لو يبقى من عمري يوم إلا ما”، أكملت غادة العبارة قائلة :”لو يبقى من عمري يوم إلا ما حب إنسان وعن جد بتفاني، ولكن لا أعتقد أنه قد يُنسيني الموسيقى”.
“نجوم وأسرار” يُذاع الثلاثاء الساعة الخامسة بعد الظهر ، ويُعاد بثه السبت الساعة العاشرة مساء ، إخراج أدهم إبراهيم .
Leave a Reply