الحفلة الثانية من مهرجان فبراير 2022 (العودة) كانت دون منازعة للمطرب القطري الشاب فهد الكبيسي، وتحسب أنه نجمها الأفضل الذي خطف الأضواء، والأكثر حضوراً…كان نجماً من الزمن الجميل الذي نفتقده اليوم، اطلالة ثاقبة لمطرب كان عارضاً للأزياء، تهذيب واضح، وصوت متمكن، وإحساس رائع، وتنويع غنائي يدعم مسيرته وأجواء الفرح والمهرجانات الكبرى.
فهد من الأصوات الشابة الأهم، ومنذ انطلاقته لفت النظر والسمع، ولا أدري لماذا انتشاره لم يكن أوسع! باستطاعة فهد المنافسة، لديه ارضيه متينة تجعله قريباً من القلوب، والسمع، وقريباً جداً جداً سيجد له مساحة مهمة في الصفوف الأولى إذا استمر بمعرفة الإختيار، وعدم الغرور، والتنوبع لا التقوقع والتكرار !
إطلالتك الأولى على المسرح الكويتي، وخروجه لاستقبال الجمهور بعفوية كانت الافضل بين الأمس واليوم، وبسرعة أخذ يتحدث مع الجمهور لنكتشف أن علاقة متينة بينهما، وأن جمهور اليوم هو جمهوره. بدأ في أغنية تحية للكويت وأهلها ” يا نبع الوفا الصافي يا عشنا الدافي، خيرك علينا ضاوي، يا ديرتي يا كويت”…عذوبة وصدق وحلاوة منه ومن جمهوره، وما أن قال :”يا كثر ما مشتقلكم … أنا سعيد ” حتى ارتفعت الحناجر عالية ترحب به!
وانطلق مع ” حلاتي هكذا مغرور …” لعب فيها كما يشاء، استخدم صوته بذكاء، وعرض عضلاته باحساسه دون ازعاج، تجول على المسرح دون خوف في صالة تتسع إلى أكثر من 5000! وبعدها ” اموت كلي معك وأموت فيك وعليك ” الله الله على الأداء الذي اعتمد على الذكاء، والغريب مع كل أغنية الجمهور يعاود الترحيب به، اغنية كلها شجن، وأداء متقن، ولحن سكب لصوته وللقصيدة، والأجمل كيفية لعب فهد بطبقات صوته بكل سهولة “طلع ونزل وطار” واستمر بالمحافظة على اداء سليم…ما اجمل هذه الاغنية، وما أجمل الاداء الساحر، فهد الأكثر من أبناء جيله يختم ويسلم دون خطأ!
وبتهذيب طلب من جمهوره أن يسمح له بغناء جديده “شاغل التفكير” من ألبومه الجديد، روعة، وفيها يبرز امكانيات صوته، لم يخف من غنائها رغم عدم انتشارها، ولكن الجمهور الكويتي اطرب لها، وصفق لها! بينما أغنية “يقرأ عليَّ الفاتحة سبع مرات” تعتبر تراثية بإيقاعاتها مع نغمات معاصرة لا شائبة في تزاوجهما، أغنية فيها جرأة في الشعر، وهذا خط واختيار فهد على ما يبدو. و “يا نجوم الليل” منذ 10 سنوات غناها من شعر الأمير بدر بن عبد المحسن، ولحن الرائع دائماً خالد الشيخ، وقال فهد انه تعمد أن يغنيها اليوم في الكويت…اجواء الأغنية يمنية صرف…ما أجمله وهو يسبح في نغم لينطلق إلى آخر، ورافقها بأغنية جميلة “ما تشوف عيوني” …وهنا يجب أن نقف مطولاً عند الاحساس المرهف في تأديتها! ومع نغمات البيانو، وحماسة الجمهور انطلق في “حس بي وبأحتياجي”…الجمهور عرف الأغنية والأجواء الرومانسية الحارة التي تميز فهد في هذا العمل، وأخذ الجمهور يغنيها معه، لا بل صفق مطولاً رافضاً أن ينهيها… من اجمل أغنياته … وما أن بدأ العود بالسلطة ” والحب اسرار” والجمهور يغني قبله ومن دونه ومعه..الجمهور يطلب الإعادة والمزيد، على فهد هنا أن يعيد الأغنية، ويرتجل فيها! طلب فهد من الجمهور الغناء، فوافق جمهوره بحماس لم تشهده حفلات فبراير ” ما يخذني إلا الموت…عسى يومي قبل يومك…وعد ما تغيب عن عيني…انت الغلا يا كبرها بقلبي غلاك” ماذا فعل بالجمهور، بالصالة، بالغناء الارتجالي، بالنغماء المليئة بالشجن؟ إن كلمات هذه الاغنية فيها جرأة، وعادة يهرب منها غالبية من يغني، خاصة كلمة ” الموت”، نادراً ما تستخدم!
…وهنا لا اعرف ماذا حدث، لآن تلفزيون الكويت قطع النقل المباشر من أجل نشرة الاخبار…وفي لبنان انقطعت كهرباء الإشتراك للأسف…نومنا سيطول من دون الفرح! #ملاحظات سريعة: يتميز المطرب فهد الكبيسي بثقة تؤهله أن يستغلها في تقديم الجديد والمتميز دائماً، والأهم امتلاكه لصوت متمكن وجميل، ومعبر، ومسكون بالشجن، وفيه الكثير من المقدرة التي تبرز صوته في أداء كل أنواع الغناء، إضافة إلى حضوره المحبب والأنيق، وطلته الرشيقة، يساعده اختيارات كلماته وشعره بدراية. صوت فهد من الأصوات المؤثرة، والجميلة، والمتمكنة، يؤدي كل الألوان، ويتميز بالرومانسيات، ويبدع بالشعبي إذا اراد، ويتألق بالتراث…احساسه وسلاسة مخارج حروفه تؤمن له المستقبل إذا احسن من معه وحوله إدارته وتسويقه، وإذا هو قرر المغامرة والانتشار الذي يستحقه لكونه المنتج لآنه! فهد مطرب شاب كان الواجب أن لا يغني والكلمات يقرأها أمامه من على منصة خاصة، الواجب أن يحفظ كل أغنياته حتى يتصرف بعفوية أكثر، خاصة حينما غنى جديده، و “يقرأ عليَّ الفاتحة”…لو كان يحفظ شعرهما لأحدث دهشة عند الجمهور وتواصلاً اكبر وهو يغنيهما، للأسف تقيد بالقراءة فغابت عنه بعض العفوية والارتجال …الغناء على المسرح مع هكذا صوت يتطلب الارتجال وصولاً إلى جنون التطريب! – صوت المنجيرة كان طاغياً، وأداء العازف اعتقد اسمه علي المذبوح كان بارعاً جداً، شد الإنتباه! – مقدمة الحفل الزميلة غادة الرزوقي لم تكن متحمسة اليوم كما الحفل الأول، وكانت سريعة، وترغب بإنهاء دورها مع إنها متمكنة!
– الزميل عبد الله الطراح هو الأكثر رشاقة، وحماسة، وتعليقاً، وتميز أمس واليوم أن بمقدوره ملئ الهواء دون أن يقع بخطأ الارتجال، كان اليوم حاضراً بثقة، وأناقة شكلاً ومضموناً! – لم يوفق المطرب الشاب فهد السالم في وصلته التي تعثر في جملتها الأولى، والصدمة كانت حينما استضافته الزميلة فاطمة القديري ” هي من أمس مندهشة” حيث كان مربكاً، لم يستطع المحاورة، ومفرداته تهرب منه…عليه أن يتدرب على القلم في الفم حتى يتمكن من التصالح مع مفردات جملته في البوح خارج الغناء!
– المسرح غاية بالجمال، وتوزيع الإضاءة خدمت السينوغرافيا بدهشة زادت من جمال المكان والصورة.
– النقل المباشر لم تشويه شائبة، ولم نشعر بارتكاب اي خطأ…
Leave a Reply