بات الفن المبتذل السمة الحاضرة على الساحة الفنية عامة.
وبتنا نترحم على الزمن الجميل يوم كان الفن ” فنا”..” بحيث كان المجتمع انقى واجمل واكتر بساطة وعطاءً وابداعا” في آن، وصدق من قال: اذا اردت معرفة رقي المجتمعات عليك ان تنظر الى فنونها وابداعات اصلها.
الفن تراث وقيم كالمرآة يعكس ثقافة العيش ومدى التحّضر والرقي، وهكذا كان سابقا” ملتزما” صادقا” رصينا” هادفا” مُفعم بالمشاعر والاحاسيس والتعابير والمصطلحات الكلامية الراقية والنغمات الموسيقية المتّزنة المُنمًقة تُطرب وتُريح الاعصاب . بدليل انه استمر حتى اليوم وشاهد على ذلك عشرات لا بل مئات والوف الاغنيات القديمة التي لم تزل حاضره تُردد على المسامع، وهذا دليل قاطع على قيمتها ونجاحهاومستواها الراقي .
-اليوم تبدل الواقع من العصر الذهبي الى العصر ” التنك”.. بحيث ما نشاهده ونسمعه اليوم الكثير منه لا يمت الى الفن بصلة من كافة المقاييس. الالحان الريتم الصاخب المتشابه الكلام السطحي المبتذل المستهلك ، الاصوات النشاز صراخ وزعيق وركب الحضارة المزيفة في بعض جوانبها مما يجعلنا نسيان الماضي وتراثه وعراقته واصالته والتأثير على المستمع بما يقدم له من فن مبتذل.
وهنا نستشهد بما قاله الاديب الراحل جورج ابرهيم الخوري يوما” ” ان التي تُغني بساقيها تنجح اكتر من التي تُغني بصوتها”..
ويا للاسف…!
وبات الفن حاليا” شغلة ليس من له شغل مهنة اكتر منها موهبة ورسالة وهواية ، ناهيك عن التعالي والكبرياء والكل يصنف نفسه فنان واستعراضات من المرافقين ومدراء الاعمال. الذين لا يفقهون بشيء من ادنى مقومات الفن والسلوك والإتيكيت وكيفة التعامل مع الاعلام والجمهور ،وهذا ما يتحمل مسؤوليته الفنان نفسه.
والبعض منهم لم يزل ناشئا” يحبو على طريق الفن ويضع نفسه في هاله من العظمة نافشا” ريشه كالطاووس بالكثير من التعالي والغرور اكثر مما يستحق وهنا كمن يحفر لذاته مقبرة الغرور .
ولا بد في هذا المقال من التطرق الى ما كان معتمدا” في زمن مضى من وجود لجان خاصة في الاذاعات والتلفزيون لدراسةوتقييم اي عمل فني لجهة الكلام واللحن والصوت وبالتالي اعطاء الموافقه على اذاعته او عدمها.
وهنا لا بد من دور جاد صارم للوزارات المختصة والنقابات الفنيةووسائل الاعلام على اختلافهاوالمسؤولين عنها التشددبالمراقبة وعدم تسويق اي عمل فني لا يستوفي الشروط الفنية والادبية للحّد من هذه الفوضى المستشرية على الساحة الفنية . والوطن على مرّ التاريخ حافل بالمبدعين الذين وصلوا باعمالهم الى اقاصي الكرة الارضية بارقى الفنون .
فهذه صرخة وجع ونقد بنّاء للحالة الفنية التي نعيش .
واللهم اني بلغّت …!
Leave a Reply