منذ انطلاقتها في الإعلامي عبر اهم برنامج يحلق فيه أصحاب الموهبة عالياً ” ستديو الفن” تحت اشراف وادارة المخرج سيمون اسمر كانت مختلفة رغم خجلها الواضح الذي كان تعبيراً عن صبية حالمة، وبعض اطلالاتها التلفزيونية، لا بل هي أول من طرح المواضيع التي كانت تمنع في تلفزيونات لبنان والعرب بالتأكيد… هي نضال الأحمدية التي اقتحمت المحظور في حينه!
ورغم سيطرة الذكور والذئاب في الإعلام استطاعت هذه الحالة أن تعبر الشوك الاجتماعي والعنصري، والإعلامي… ولمعت في الصحافة المكتوبة وتحديداً في مجال الفن، وأيضاً، وبسرعة البرق اصبحت رقماً صعباً غار منها ذكور المهنة قبل ابناء صنفها، وهات يا غيرة، واقاويل، وثرثرات، واحقاد تحاك من حولها، وربما هي سببتها لطيب روحها، وكرم نفسيتها، وتسامحها السريع كما غضبها، وإن غضبت تنشر غسيل المغضوب عليهم على صنوبر بيروت، وإن سامحت وصافعت تعلن ذلك دون خجل، وبالعلن كأن ما كان لم يكن!
إنها خزان الفن…أنها بكل بساطة الزميلة نضال الأحمدية…مشاكسة، وجه حقيقي، وجه هي تحبه، معطاء تساعد من يطرق بابها، مخلصة لعائلتها. لا يوجد بالعالم العربي صحافية كما السيدة نضال في زرع تطرف المحبين أو الكارهين من حولها، ولا يوجد إمرأة في الصحافة العربية حملت قلمها سيفها ونزلت تعارك ذئاب الذكور في معارك عديدة ولا توصف، واستمرت ببريق التجارب التي شكلت لها نجاحاً مختلفاً رغم الأعداء الذين يسعون إلى الاقتراب منها!
اليوم الصورة الإعلامية اختلفت في العالم، والصحافة الفنية لم تعد بذات الحضور، وهي مجرد خبر وفضيحة، وانتقلت نضال من الورق إلى الرقمي عبر السوشال ميديا…كل هذا لم يعد يعنيني في تجربة المناضلة نضال الأحمدية…ما يعني لي هو فقدان ما في خزنة فكر نضال من موهبة أدبية مسجونة منذ زمن، ولم تعمل نضال على فك الأسر!
أغرقت موهبة نضال بالصحافة المكتوبة، انشغلت بمشاكل من ليس لديهم وفاء، صرفت من عمرها ووقتها تصالح هذا الفنان على زميله، وتعيد ترميم ذاك، وتصنع هالة إعلامية لمن لا يستحق…وأصرت أن تعمل دون أن تلتفت، ولكن كل عملها صب في الإعلام المكتوب، واحياناً إطلالات إشكالية كضيفة مبتسمة ومباشرة وأساسية لإنجاح برامج أصدقاء على حساب مسيرتها، ورغم أن وجودها هنا أو هناك يسعدنا، ولكن الجانب الأهم في موهبة شخصية عمق فكر أراء وأحلام الروح في نضال الأحمدية أهملته…نعم أهملته حتى أصابته بجروح عميقة!
متى تطلق نضال أسيرها الأدبي والفكري؟
متى تعيد نضال ترميم ما أهملته في عالم الرواية والثقافة الأدبية؟
متى ترفع نضال الحجارة عن خواطر كتبتها، وتكتبها في مجالات تغني المكتبة العربية بثقة، وتقدر أن تجد مساحة لا تزال شاغرة لها وتنتظرها!
منذ زمن سنحت لي الفرص أن اطالع بعض مقاطع رواية لها، وفي اتصالاتنا الكثير من الحديث عن ما تفكر وما ينتظرنا للمكتبة العربية من حرفها، وأيضاً اعلم استفزاز وحيدها حول رواياتها التي لم تجد نافذة لها رغم تراكم السنوات والغبار عليها!
فيما تكتبه نضال من خلال ما قرأته ليس عادياً، بل كاتبة أديبة، كاتبة جدلية، وأديبة تصنع النقاش الدهشة، وتسمح لفكرك أن يتحرك! نضال الأحمدية الكسولة في حق رواياتها، والتي انشغلت بالصحافة الفنية على حساب الموهبة العميقة يجب أن لا نخسرها، والمطلوب ثورة على الذات، واستعادة ما يمكن من اللحظة المعمقة التي تملكها…ويكفي كتابة بالفن، فهذا لا يصنع قيمة باقية بقدر قيمة مرحلية تغيب عنها الشمس بسرعة…الإعلام الفني الذي عاشته نضال كان بسبب روحها وشخصها واندفاعها ووجود النجوم الكبار عكس اليوم، ومع مرور الوقت لجم هذا النوع من الإعلام الأديبة نضال الأحمدية!
ادعو الصحافية الفنية نضال الأحمدية إلى استعادة نضال الأحمدية الأديبة…الزمن يسرق العمر، والعمر هو الحلم الصغير، وأحلامنا متعبة تتصارع مع الوقت، والوقت ينهار بسرعة، ولكنه يتعب أدوات الأديب إذا أهمل أدبه…ونأمل قبل نهاية هذا العام الصراع الموجع أن نشاهد أكثر من مولود أدبي للكاتبة الأديبة نضال الأحمدية.
Leave a Reply