بعد الحلقة الثالثة ومن ثم الرابعة، بدأت تظهر وتتضح طبيعة أسلوب برنامج “المسرح” على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال، وبانت ملامحه أكثر تماسكاً ووضوحاً، ولا شك الفكرة من الأساس ملفتة رغم أنها ليست جديدة في الطرح، ولكنها ملفتة في التقديم والمعالجة، ونقف عندها تقديراً لكونها تعنى بتكريم الكبار من أهل الابداع،
وتبقى طريقة التنفيذ، فهنا بيت القصيد!
وكان “تلفزيون لبنان” قد سبق الجميع في تكريم الرواد شكلاً ومضموناً من خلال حلقات – خاصة بكاتب هذه السطور فكرة وإعداداً وتقديماً – واستغل الارشيف البنكي المهم والتاريخي الأهم لكبار من لبنان كي يدعم الفكرة، وظهرت الحلقات غاية بالدقة والحساسية، وهنا في برنامج ” المسرح” لا بد ذهنياً من المقارنة رغم الانتاج المتواضع جداً في تلفزيون لبنان، والانتاج الكريم الضخم في LBC…
وبالتأكيد نجحت المؤسسة اللبنانية للإرسال في زمن صعب النجاح فيه لبنانياً ومن خارج السياسة الحاقدة!
في برنامج ” المسرح ” تكريم الظواهر الإبداعية اللبنانية فنياً على قناة المغامرة في زمن لبناني صعب على كل صعيد خاصة في الإعلام، صاحبة الشاشة الذهبية في المنوعات(LBC) نجد الصورة هي الأساس، جاذبة وجميلة، وكذلك روح المكرم دون الدخول في عمق عمله وتجربته، إضاءة ضرورية، وتحية محبة مسؤولة، وضيوف كثر يحاولون انقاذ الذاكرة بالدقائق المعدودة…!
في برنامج ” المسرح” النية طيبة، والجهوزية مثابرة، والكل يعمل كي تستمر الفكرة في اشراقتها، ولكن!
لا خلاف أن طبيعة ديكور المسرح والقاعة اخذت من ذاكرة مسرح قصر البيكاديللي الشهير في شارع الحمراء من بيروت العاصمة، حتى الاضاءة والألوان ” الأحمر” متعمدة من ذاك القصر الثقافي الجميل. وأما إضافة زاوية للجمهور فهي حركة لطيفة لم تزعج الحلقة بقدر ما اعطتها حالة ذكية، والكاميرا بعد الحلقة الثالثة والرابعة التقطت المجاميع بشطارة التصوير!
زاوية الفرقة الموسيقية ” زحمة جداً ” لم تكن موفقة، واعاقت حركات الكاميرا التي حددت التقاط زاوية ضيقة، لذلك إلتقاط كادرات الفرقة الموسيقية تحتاج إلى عين مخرج أكثر دقة في أخذ جمالية المشهد، للأسف كانت عبارة عن كادر ممل لا يزيد من جمال الحالة بل يزعج، وذات الكلام ينطبق حينما يأخذ الكورس المؤدي!
كثرة الضيوف في حوار خاطف يشتت المتابعة بشكل عام، وقد ظهر جلياً في حلقة الاسطورة صباح، حلقة صعبة جداً، ومتعبة جداً، وربما يعود السبب لكونها الحلقة الأولى، وحصدت أكثر من ساعتين عرض، بينما الحلقات التالية ساعة ونصف، الأجدر فرز حلقتين للاسطورة صباح! الحوار الخاطف جاء مقصوداً اعداداً وفكرة، وهذا يتطلب المزيد من الوقت حتى نعتاده بشرط أن يكون الحوار سريعاً وعميقاً ومكثفاً في المعلومة، ولكن في كل الحلقات جاءت بعض الفقرات بضيوفها تكملة عدد دون أي أثر!
المجموعة الراقصة منذ الحلقة الأولى إلى الرابعة غير متجانسة، وأخطاء لا تعد بالحركة، وكأنها لزوم ما لا يلزم حتى لو تعروا في بعض اللوحات!
على المخرج إعادة النظر بغالبية كادراته تحديداً في الحلقات الثلاث الأولى، بينما في حلقة العالمي الياس الرحباني كانت مختلفة ومدروسة نوعاً ما لكنها تكررت كثيراً، وهذا خطأ…ولا شك أن المخرج يدرك ذلك، لكونه مع كل حلقة يطور مشاهده!
إن دور المصور يكمن في تصوير المشهد المقرر من قبل المخرج، ودور المخرج قراءة المشهد في ذهنه، ومن ثم قبل وخلال التنفيذ، ونحن هنا نصور المشهد الكادر دون قراءة لعمل يتطلب إظهار صورة ثرية في قصر يليق بالمكرم والديكور طيلة الحلقة وليس في بعض فقراتها!
الإضاءة مدروسة، أضافت الكثير من الابهار في المشهد الصورة الكادر… الإعداد متعب جداً، والفريق قام بجهود صحافية وإعلامية ذكية تحسب له، ومن الأساس يريد أن يقدم ما هو لا يشبه ما قُدم سابقاً، ولكن كثرة الضيوف في حوار سريع حتى الآن ليست كلها في مكانها، ومع ذلك تشعب الأسئلة وتنوع الفقرات من صور المكرم والاتصال والغناء تعطي مساحة لإغناء وإثراء الحلقة، وهنا لا بد تقديم تحية إلى نشاط الزميل دومينيك أبو حنا لكل ما بذله، ولتهذيبه ومسؤوليته في مهنة متعبة . الإستعانة بمشاركة الأطفال والشباب غناء لكبار المبدعين فكرة جميلة جداً، رغم أن بعض الأداء لم يكن موفقاً، وقد اتعبوا المايسترو المجتهد والمتميز إيلي عليا خلال البروفات!
مفاجأة ” المسرح” كانت الزميلة كارلا حداد، القادمة من البرامج الخفيفة والبسيطة والتسالي إلى برنامج تكريمي ثقافي مسؤول، ويتضمن الحوار الذكي، والأنماط المختلفة، وتعداد الضيوف المتنوعين برشاقة الأسئلة والحضور المحبب، وعليها اقناعنا في لحظة واحدة، والأهم أن تقنع الضيف والمشاهد معاً!
لقد وفقت كارلا في هذه الخطوة، لم تكن عبيطة كغيرها، ولم تربك فتخسر الرهان، بل ربحت الحضور الجديد، وقد اجتهدت منذ الحلقة الأولى شكلاً من خلال اختيار ملابس كلاس للسهرة، ومضموناً من خلال قراءة الإعداد والمحاور جيداً، وطرح الأسئلة بذكاء في حوار كما ذكرنا سابقاً، في حوار سريع يخطف اللحظة الجلسة دون تكرار، خاصة أن الحوار هو عبارة عن دردشات متفاعلة محددة بالمكرم، وكم من مرة تفاعلت كارلا بدموعها مع ما وصل إليه المكرم في نهاية حياته، وهذا ليس خطأ بل حالة انفعالية تعطي وهجاً للصورة اللقطة الفكرة!
برنامج ” المسرح” بدأ يأخذ نصيبه من النجاح، ومع كل حلقة جديدة نجده استفاد مما سبق لتصلنا الفكرة المتعة والمعلومة الخفيفة في قالب جميل يشكرون جميعاً على عملهم!
Leave a Reply