بقلم// جهاد أيوب
حلمي بكر رحل، وهو أخر حبة من عنقود الكبار في الموسيقى المصرية، بدأ الفن منذ صغره، وعاش فنياً في كنف الكبار ورافقهم خاصة محمد عبد الوهاب ورياض السنباطي، والسيدة صباح وعبد الحليم حافظ والسيدة أم كلثوم وبليغ حمدي ومحمد الموجي …
هو ليس من جيل تلك الحقبة بل من جيل الوسط، ولكنه بخبرته وصراحته وغروره أحياناً وجرأته ونجاحه تمكن من سباق كل جيله، وأصبح من الملحنين الكبار في مصر ونافس في تقديم الأغاني الناجحة والباقية في الشارع العربي والمكتبة الفنية.
حلمي بكر رغم السوط الذي حمله دائماً على من لوث الفن المصري والعربي استمر بقول ما يؤمن به، وبقول الصراحة كما هي، وأغضب دخلاء الغناء، وصيصان الطرب، ونجوم الغفلة، ووصف نجوم المهرجانات بأنهم جهلاء!
صراحته وجرأته أبعدت عنه الكثير من الأصوات خوفاً من نقده وأستاذته، ولكنه لم يكترث، واستمر بمواقفه النقدية بتغذية الصحف والمجلات والبرامج الفنية، وربما هو من أكثر الملحنين حضوراً في برامج الفصائيات التي تعيش على خلافات الفنانين!
أكثر من 1500 أغنية قام بتلحينها حلمي بكر بأصوات عديدة، منها ليلى مراد وصباح ووردة الجزائرية ونجاة الصغيرة، ومن ثم الجيل الذي تلاهم علي الحجار ووليد توفيق وعليا التونسية وسميرة سعيد وأصالة، وهذه الأخيرة ساندها وساعدها في بداياتها المصرية، وقدم لها أجمل ما غنت حتى الآن، وتزوج من قريبتها، ومن ثم حدث الخلاف، وكان يعتبرها ناكرة الجميل كما أخبرني شخصياً بلسانه، وفي كل حواراته…
كما قدم نحو 48 مسرحية غنائية منها: “سيدتي الجميلة” و”موسيقى في الحي الشرقي”….
وقدّم حلمي بكر موسيقى تصويرية إلى ما يقارب 210 فيلماً، إضافة الى تلحين فوازير نيللي كريم وفوازير شريهان.
و صاحب أوبريت “الحلم العربي” تأليف الشاعر المصري مدحت العدل وألحان حلمي بكر بمشاركة صلاح الشرنوبي.
اشتهر إضافة كملحن كبير ومنتقد لا يرحم اشتهر بتعدد الزيجات، وهو كان مزاجياً في ذلك!
تقول السيدة الأسطورة صباح:
“تعرفت عليه في الإذاعة المصرية حينما كنت اسجل لحناً للموسيقار محمد عبد الوهاب، لم يكن بكر معروفاً، وكان يرافق وهاب ويهابه، وخلال التسجيل حمل جاكيت عبد الوهاب خلال مدة التسجيل دون أن يضعها أو يعلقها احتراماً منه ل وهاب”.
وبعد فترة وبالطبع كانت صباح نجمة كبيرة على مستوى الوطن العربي وهو في بداياته، والكلام للسيدة صباح :”التقيته وسألته: متى سنتعاون استاذ بكر؟
فرد على الفور : أنت اطلبي وأنا جاهز!
وذات مساء قررت صباح زيارته في منزله دون موعد طالبة منه أن يلحن لها، وهكذا كان، ولحن لها أجمل الأغاني ومنها ” بياع كلام” وهذه الاغنية كان يروي حكاياتها في كل حواراته، ونالت الكثير من اللغط!
وايضاً تشير السيدة صباح إلى أغنية ” الأحلام” التي لحنها لها، وكان يعتبرها فتحاً جديداً في الأغنية المصرية، لا بل كان سعيداً بها!
حلمي بكر ظل أميناً لكل من لحن لهم وصادقهم وللكبار في الفن المصري والعربي، وأذكر يوم رحيل السيدة شادية قام المذيع المصري في إحدى الفضائيات بسؤاله عن الفرق بين شادية وصباح ملمحاً إلى أن شادية أهم غناءاً، فرفض حلمي بكر هذا الكلام بعنف، وحسم قائلاً :”صوت صباح أهم وأقوى من صوت شادية، وصباح غنت مع وديع الصافي، ومن غنت ووقفت ونافست أهم مطرب وهو وديع الصافي لا تقارن مع أحد”!
كان باستطاعة حلمي أن يجامل لكون شادية إبنة بلده، ولكنه لا يجامل في الرأي والنقد…اسرد هذه الحكاية لأشير إلى تصالح الموسيقار حلمي بكر مع موهبته وفكره وعلومه الفنية الموسيقية…!
برحيل الموسيقار حلمي بكر يغيب ناطور الغناء العربي، ويحدث الفلتان …والله يعينا على ما سينتظرنا من أصوات لا تنتمي إلى الصوت، ولن تعرف أصول الغناء والمسؤولية…!
Leave a Reply