كانت حاضرة في كل المناسبات، تدعمنا بحب يوزع على الكون، وتعطف علينا بشموخ لا يطاله غير النسور، هي من زمن لا يتكرر، وأرزة جذورها في عمق أرض الوطن…ولا نبالغ في وصفها لكونها نور سلمان (1937- 2024)…
شاعرة مسكونة بالحنين، أديبة تضيف للأدب رونقاً وفكراً، وتحمل ريشة فيها كل الأنسنة، وتزرع من حولنا بيارق النخوة والكبرياء والمجابهة والمقاومة…
نور سلمان الحضور صاحبة النظارات الملفتة والملابس البسيطة والأنيقة، لم تكن تهتم لمظهر الشخص بقدر اهتمامها بفكره ومواقفه وعنفوانه…
نور سلمان الموقف ابنة كل لبنان متحدثة لبقة لا تخونها المعاني، ولا تعرف خيانة في اللغة وفي الحياة…
نور سلمان الإنسانة صديقة غالية، تبحث عن من تستطيع أن تقف معهم، وتساند دون أن تهتم لتفاصيل عنصرية كما حالنا اليوم…
نور سلمان الخلوقة في تقديم الزملاء وفي الكلام عن غيبة الجميع، وصاحبة الرأي والاصغاء واعطاء رأيها بحسم…
نور سلمان الشاعرة المرهفة وهي فوق سطور الشعر، والجرأة والصور الجميلة وكل ما هو يجعلنا في فضاء الجمال…
ونور سلمان الاستاذة في الأدب يفخر بها الأدب كما كنا نفخر بمجالستها الطيبة… ونور سلمان المتحدثة اللبقة، وجميلة المفردات التي لا تجرح ولكنها تسجل المواقف…
والدكتورة نور سلمان باحثة مشرقية في عمق التجارب وعمق مفردات تجربتها…
رحلت نور سلمان عن عالمنا منذ قليل، ارادها الموت أن تسافر إليه، وبصراحة كانت قد اعتزلت الخروج ولم تعتزل الأصدقاء من خلال التلفون، جلست في بيتها تفكر بنا حتى اضناها التفكير فغادرتنا، العمر سرق زهورها، ورغم طفولتها التي لا تنتهي…
الأدباء لا يعرفهم العمر، أطفال كل الازمنة والسنوات، وأهل الحسم في القضايا الكبرى…
نعم نور جلست في بيتها وضاق صوت الأصدقاء والزملاء إلا قلة قليلة خاصة الزميلة الشاعرة زينب حمود…
كنت اتواصل معها عبر هاتفها الخاص، صوتها شلالات الجبل، وكلماتها سهول البقاع، وضحكتها الناعمة تشبه ورود طرابلس، وحسمها جنوبي الهوى والموقف، وصمودها يذكرنا بمدينة الشرائع بيروت…إنها نور سلمان مثقفة غادرتنا غير اسفة على ما نحن عليه في وطن اولاده يغتسلون من نجاستهم، ويحطمون الحب، ويتاجرون بالمحبة، ويغتالون المفكرين المثقفين المبدعين الأنبياء..
نور سلمات كاتبة وأديبة وأستاذة جامعية لبنانية، ولدت في بيروت، حصلت على شهادة البكالوريوس في الأدب العربي، وماجستير في الأدب المقارن من الجامعة الأميركية في بيروت، ودرجة الدكتوراه في الأدب العربي من جامعة سانت جوزيف، وهي أستاذة الأدب العربي في الجامعة اللبنانية، وعضوة في مجلس المحافظين الوطني، ورئيسة الهيئة الوطنية للطفل اللبناني.
كانت تعشق صوت السيدة صباح، وتدافع عنها، وهي من شجع الاسطورة السيدة صباح على أن تغني للأطفال، وكانت تشاركنا معارفنا ومعارضنا التشكيلية وامسياتنا الثقافية وبرامجنا الفنية…
وكم سعيت كي تتكرم، ولكن ظروف من وعدوني لم تكن مناسبة، واليوم اطالب اتحاد الكتاب اللبنانيين أن يكرمها بما يليق بها…
…تعذبت نور سلمان كي ننجح في الوطن، وغادرتنا والوطن كل الوطن العربي يتمزق، ولكن حروف نور سلمان صدى للأيام المقبلة..
Leave a Reply