كثيرًا ما نسمع بقصص تكون من لبّ نسيج مجتمعنا العربي الشرقي ،تدور جميعها عن الفتيات والشباب والتقاليد والأعراف . وهذا أمر طبيعي لمجتمع متفاعل يعيش تناقضات ومثاليات دخلت صلب معتقداته وبات من المستحيل أن يحيد عنها قيد أنملة.
وتطفو بين وقتٍ وآخر قصة تشغله عن كل ما عاداها من قصص ربما تفوقها أهميّة ، لكن الألسنة تأبى الاّ ان تتكلّم عنها . وتعيش أبعادها ، آخذة حيّزًا من التحليل والأقاويل والاستنتاجات لأنها تكون حديث الساعة.
ومن هذه القصص، أردنا اليوم أن نلقي الضوء على قصة شغلت الرأي العام عبر الشاشات والإذاعات والصالونات تتمحور حول زواج القاصرات اللواتي قد أُجبر بعضهن على هذه الزيجة نظرًا لظروف معيّنة قد مررن بها، متسائلين، مُبديين رأينا ، تاركين المجال لمَن يريد التعليق أو يقف ضد ما نطرح أو معه.
وبحسب رأينا ، أن البعض يعتبر زواج القاصر ” شرعيًا ” وهو مؤيد ، والبعض الآخر يعتبره ” جريمة وإغتصاب للطفولة ” وهو معارض.
مع علمنا الأكيد بأنه لا يوجد في القانون أي فقرة تحدّد عمر الزواج .
ولكن هل من المقبول والمعقول ان يتمّ تزويج فتاة في عمر التسع سنوات؟
وهل من الممكن أن يجمع عقلها وتتبصّر على ما تُقدم عليه؟
فلو كانت الفتاة القاصر تبلغ من العمر الرابعة عشر أو السابعة عشر ، لقلنا أنها ربما تفهم ما ينتظرها من حياة ، وقلنا أيضًا أنها إتخذت هذا القرار بملىء إرادتها، وإعتبرنا أن خيارها شخصي ولها الحق بهذا ونحن نحترم قرارها..
لكن ان يتمّ تزويجها قبل سن الرابعة عشر فهذا نعتبره كارثة إجتماعية ونحمّل مَن أجبرها أو ساعدها أو سهّل لها هذا الأمر جميع الذنوب والأخطاء حتى ولو كانت بعض البلدان تُعاني من حروبٍ و تهجير وضائقة مالية وأزمات بطالة فهذا الشيء لا يُبرّر و لا يعني أنه يحقّ لهذه العائلات بإصدار مثل هكذا أحكام تنتهك بها حقوق أطفالها .
ونتساءل أيضًا،ماذا تفهم هذه الفتاة من مسؤوليات لتتسلّم مسؤولية عائلة؟.
وهل يحقّ للأباء أن يرغموا بناتهن على الزواج ؟
ولماذا يلجأ بعض الرجال الى الزواج من القتيات الصغار ، هل لأنهم بحاجة الى خادمة لهم وليس زوجة؟
وعل الرغم من كل ما تقدّمنا ، فهناك مشكلة لا يجب إغفالها في زيجة القاصر ،وهي تكمن بالتأثير على صحتها النفسية والجسدية، ناهيك عن حرمانها من حق التعليم والحق في العمل ومن أن تعيش طفولتها كأية طفلة عادية، عدا حرمانها من الصحة الجسدية التي ربما تتدهور بسبب الحمل في سن مبكرة وكثرة تكرار الإنجاب التي تسبب لها حال من صحة ضعيفة ،عرضة للأمراض.كما أنها من الممكن ان تتعرّض للإساءة او للعنف والتعنيف.
فإذا كانت المرأة الراشدة لا تستطيع بهذا الزمن أن تحصل على حقوق أو دعم أو قانون يحميها ، فكيف سيكون مصير هذه الطفلة التي لا تستطع أن تتخذ قرارًا بشأن زواجها ومصير مستقبلها؟ .
Leave a Reply