من ابن خلدون إلى الأمير فخر الدين مع أطيب الأمنيات.
ومن مقاطعة البضائع الأميركية
إلى مقاطعة البضائع السورية.
يقول ابن خلدون: إذا رأيت الناس تُكثر الكلامَ المُضحك وقت الكوارث فاعلم أن الفقر قد أقبع عليهم وهم قوم بهم غفلة واستعباد ومهانة… بهذه العبارة-العبرة انطلقت حلقة “طوني خليفة” هذه، وهي عبارة تناقلها الكثيرون الأسبوع الماضي مع تراكم الهموم على كاهل المواطن اللبناني معيشيًّا وبيئيًّا وسياسيًّا وأمنيًّا، ولم يكن وباء الكورونا إلا آخر هذه الهموم (حتى تاريخه) مع ثبات تسجيل أول إصابة محلية كانت محطتها مطار بيروت قادمة على متن طائرة إيرانية..
الكورونا.
أكثر من فقرة اجتمعت في هذه الحلقة تحت هذا العنوان “وصول أول حالة كورونا إلى لبنان” والبداية كانت عبر زيارة ومقابلة حصرِيَّة مع والدة السيدة المُصابة بالفايروس واتصال بالمصابة (الحاجة تغريد) من داخل مستشفى الحريري الحكومي وبوجود زوجها الشيخ عدنان، الذي لفت الجميع بإبداء رغبته بالدخول إلى حيث الحجر الصحي على زوجته غير آبه بمصيره الذي لا يريده أن يكون مختلفًا عن مصيرها… وبوجود الدكتور حسَّان زراقط (طبيب وأستاذ متخصص بعلم الفيروسات) طمأنت الحاجة المُصابة الجميع بأنها بخير وأن المسألة لم تعد إلا مسألة وقت للخروج سالمة ومعافاة، حيث تخضع للعلاج المطلوب ولو انها تعتبر نفسها مُصابة بمجرد حالة أنفلونزا عادية، وهذا ما قيل لها خلال خضوعها للعلاج في إيران، قبل انطلاق رحلتها إلى بيروت، الأمر الذي عارضه زراقط معتبرًا أن التاريخ الذي تتكلم عنه السيدة لم تكن العوارض لديها واضحة، وأنه لولا خضوعها للعلاج المباشر في لبنان لما كان وضعها مستقرًا وآيلًا للشفاء كما تشعر حاليًّا.
الفقرة التالية ضمن نفس الإطار كانت في اتصال مباشر من إيران مع الإعلامي الزميل حكم أمهز من الزميلة “المنار” وشرح تفصيلي حول ماهية الترتيبات التي يخضع لها اللبنانيون العائدون من إيران إلى لبنان، خصوصًا مع وصول طائرة أخرى بعد الطائرة التي أقلَّت السيدة المُصابة، وعدم وضع أي شخص من الواصلين الجُدد في الحجر الصحي، حيث أكَّد أمهز أن الجميع خضعوا هناك للكشف الطبي المطلوب وتأكد عدم وجود أي حالة مشبوهة بالوباء، كما كان التشخيص لحالة الحاجة تغريد قبل ذلك واختتم الإعلامي الزميل إطلالته من طهران بالمطالبة بعدم تناول القضية من باب عنصري إعلاميًّا.
من طهران إلى جدَّة، ومن المملكة العربية السعودية وعبر السكايب أطلَّ في الفقرة الثالثة من هذه المحطة “الوبائية” رجل الأعمال اللبناني وائل أيوبي – صاحب شركة SAMD Arabia معلنًا عن جهازٍ محمول وصغير الحجم يقول إنه يكشف حقيقة الإصابة بالكورونا من عدمها خلال ثوانٍ معدودات، وإنه قام بعرض هذا الجهاز على مسؤولين لبنانيين معنيين، لكن (ودائمًا حسب كلامه) كانت المحسوبيات عائقًا حالت دون تبني الجهاز… أيوبي رفض الإشارة إلى الجهة المعنيَّة بكلامه، بينما حاول الدكتور زراقط الوقوف عند التقنيات التي يعمل عليها هذا الجهاز وهل بالفعل هو قادر على الكشف الميداني خلال ثوانٍ، فآثر خليفة عدم الخوض في أمور تقنيَّة لا يفهمها المشاهد العادي، مع الوعد بمتابعة القضية مع وزير الصحة اللبنانية شخصيًّا لتأكيد فاعلية هذا الجهاز.
ختام هذه المحطة كانت مع جولة على الصيدليات وكشف حقيقة فقدان الأساسيات للوقاية من “الكورونا” وفي مقدمها “الماسك” الواقي وأنواع “الماسكات” المعتمدة ومدى صحة فقدانها من الأسواق المحلية.
مقاطعة البضائع الأمريكية.
وغيرُ بعيدٍ عن هموم الناس، ووسط الغلاء غير المسبوق لأسعار السلع الأساسية والتي وصلت في اليومين الأخيرين إلى الأفران والخبز، كان لكاميرا برنامج “طوني خليفة” جولة على أسواق الضاحية الجنوبية من بيروت ورصد المؤسسات التي استبدلت البضاعة الأمريكية (غالية الثمن) بأخرى بديلة، ومدى التوفير الذي يمكن للمواطن تحقيقه، فكانت النتيجة (بعد كشف ميداني عبر عربتي تسوُّق لكاميرا خليفة) إيجابية، حيث تبيَّن بالفعل أن نسبة التوفير ناهزت الخمسين بالمائة على الصندوق… لكن ولأن هذه المبادرة انطلقت أصلًا من الخطاب الأخير لسماحة السيد حسن نصرالله فقد كان لا بد من أخذها المنحى السياسي، حيث التقى على طاولة البرنامج كلٌّ من: محمد ديب -مدير العلاقات العامة في حركة مقاطعة البضائع الأميركية، بمواجهة الصحافي طوني أبي نجم ليحتدم النقاش بينهما بين مؤيد ومعارض للمبادرة… وفي حين وجد الأول بالبضاعة الأمريكية عنوانًا عريضًا للعداء من عدة منطلقات تبدأ بالاقتصاد ولا تنتهي عند السياسة، ذهب الثاني (أبي نجم) أبعد إلى تماديه في الدعوة لمقاطعة للبضائع السورية التي يجد بها الخطر الأكبر على الاقتصاد اللبناني.!
إيجارات البيوت.
لأن عقود إيجارات البيوت والمحلات في لبنان بغالبيتها محرَّرة بالدولار الأمريكي، كان لزامًا أن تخلق أزمة كبرى بين المستأجرين وأصحاب المنازل أو “المؤجرين” تُضاف إلى
الكثير من المشاكل المعهودة أساسًا بين الطرفين (على خلفية عقود الإيجار القديمة والحديثة).. أما اليوم ومع فقدان الدولار نسبيًّا في لبنان ووجود سعرين له (رسمي وسوق سوداء) وبفوارق كبيرة، كان السؤال: هل يمكن لأصحاب هذه العقود من المستأجرين الدفع بالليرة اللبنانية، وحسب اي سعر للصرف مقارنة مع الدولار؟ باتريك رزق الله -رئيس نقابة مالكي العقارات والأبنية المؤجَّرة، كان من الطبيعي أن يعتبر أن العقود شريعة المتعاقدين وأن على المستأجر الدفع بالعملة الموقَّع بها على متن العقد، ليردَّ عليه قانونًا المحامي معن الأسعد عن المستأجرين، بأن القوانين اللبنانية على العكس تُلزم المتعاقدين بقبول عملة البلد حصرًا وتمنع على صاحب “السلعة” رفض عملة البلد، أما بخصوص السعر فهو نفس السعر الرسمي الذي تعتمده المصارف أو مصرف لبنان… وفي حال رفض صاحب المسكن أو المحل أو حتى صاحب السندات المحرّرة بالدولار القبض بالعملة المحليَّة، يمكن للمعني وضع المبلغ بعهدة كاتبٍ بالعدل ويصبح هذا المعني بريء الذمة من المبلغ رسميًّا، طالما أودعه حسب القوانين المعمول بها.
الدكتور حتِّي وفخر الدين.
عودٌ على بدء، حيث الطرافة التي وسمت هذه المرحلة من المآسي التي ترخي بظلالها على اللبنانيين اختُتمت الحلقة مع الدكتور دال حتّي، الناشط والأستاذ الجامعي، بعدما أثار انتباه كل اللبنانيين بنظريته التي جمعت الطرافة بالسخرية، حين أدلى بدلوه حول استعادة الأموال المنهوبة من اللبنانيين، فعاد حوالي الأربعة قرون إلى الوراء مطالبًا باسترجاع أموال الأمير المعني الكبير فخر الدين الثاني 1572 – 1635، والتي كان قد أرسلها إلى توسكانا في تلك الحقبة، مضيفًا إليها الفوائد بالطبع… ويقول حتِّي، نقلًا عن جواد عدرة في مجلة “الشهرية- الدولية للمعلومات”: أودع فخر الدين في مصرف جبل الرحمة Monte Di Pietà، في العام 1616 أموالًا بلغت قيمتها ما يساوي 111 مليون دولار بسعر اليوم، لتصل الآن وحسب حتِّي (مع الفوائد) إلى ما يفوق المليار ونصف مليار دولار، لا بد من استرجاعها من توسكانا في إيطاليا…!
Leave a Reply