أردنا أن نلقي نظرة عن قرب على الاستهلاك الموسيقي في منطقة الشرق الأوسط في ظل تفشّي وباء كوفيد 19 (كورونا) وما تبعه من تباعد اجتماعي وعمل من المنزل.
أجرينا تحليلاً للاستماعات ما بين الأوّل من آذار- مارس والأول من نيسان – أبريل على امتداد الأراضي العربية، وقد اكتشفنا أنماطًا سلوكيّة جديدة نفصّلها هنا.
الاستماع إلى الموسيقى خلال قيادة السيارة بدأ بالتراجع في لبنان منذ 10 مارس، في السعودية ومصر والكويت منذ 13 مارس، وفي العراق بدءًا من 18، أما في الولايات المتحدة فبدأ التراجع منذ 23 وفي أستراليا في 26 مارس، وذلك بمعدّل 65%. تتطابق تلك التواريخ مع الإجراءات التي اتّخذتها حكومات تلك الدول، على الرغم من أنّ بعض الناس ما زالوا يقودون سياراتهم إنما بوتيرة أخفّ. قيادة أقلّ تعني استهلاكًا أقلّ للـ 3G، وقد لاحظنا انخفاضًا بنسبة 50 % لناحية استعمال الإنترنت بواسطة شبكة الخلوي. نعم، فالجميع يستخدم الـ Wifi أكثر من العادة. والعمل من المنزل يعني أنّ الناس يستمعون إلى الموسيقى من خلال أجهزة الكمبيوتر بزيادة 20% عن العادة. الاستماع إلى الموسيقى خلال المشي انخفض أيضًا ولكن بنسبة أقلّ، أي من 45 إلى 20%. مما يعني أنه لدينا ملتزمون كثُر بإجراء #خليك_بالبيت، وهذا بالضبط ما نريده حاليًا! تَسبّب الوباء وتَبِعاتُه بتغييرات في مواعيد الإستيقاظ، فالموسيقى الصباحية كانت تبدأ عادةً عند الثامنة 8AM GMT+3، أما الآن فهي تنطلق عند العاشرة 10AM GMT+3.
هل تنامون ساعتين إضافيتين؟ لا، ليس بالضرورة، بل إنّ الناس تستمع إلى الموسيقى لفترة أطول قبل النوم ومنهم من يمضي وقته برفقة الموسيقى حتى منتصف الليل. من الواضح أنّ كثيرين يعانون من صعوبات في النوم، فالمزيد يستمعون إلى الموسيقى الهادئة حتى بعد منتصف الليل. لكن ليس الكبار وحدهم مَن يسهرون، فقد زادت نسبة الاستماع إلى موسيقى الأطفال في الليل! والأكثر غرابةً أنّ الناس تمارس الرياضة في وقت متأخّر من اليوم.
لم نشهد من قبل هذه النسبة من الاستماعات إلى موسيقى الرياضة في فترات ما بعد الظهر وأولى ساعات الليل. فـ 28 % يمارسون الرياضة في ساعات متأخرة الآن. أما إعداد الطعام فلم يكن يومًا “على الموضة” كما هو الآن! الاستماع إلى قوائم الطبخ تضاعف بين الأول من مارس والأول من ابريل. مشاركة الموسيقى مع الآخرين في ذروتها حاليًا، فقد ارتفعت بنسبة 29 %. أما الأغنيات التي تتمّ مشاركتها فتعبّر بمعظمها عن الاشتياق، على سبيل المثال: بتوحشني (شيرين عبدالوهاب)، اشتقتلك (ابراهيم الحكمي). وبخلاف التوقّعات، إلا أننا لاحظنا ارتفاعًا في البحث عن المحتوى الديني والصلوات، ففي النهاية الله يوحّدنا جميعًا. ما زال الحبّ في الأجواء وبعض الأغاني المتداولة بكثرة والتي تشهد على ذلك: أنا لحبيبي (فيروز)، مرت سنة (محمد عبده وعبد المجيد عبدالله)، قلبي وروحي وعمري (محمد فؤاد).
وبما أنه زمن Netflix أيضًا، فإنّ أغاني المسلسلات تشهد رواجًا. أضف إلى ذلك أنّ استخدام تطبيق أنغامي على شاشة التلفزيون ارتفع بنسبة 30%. أما الشابات والشبان فكانوا بدورهم منشغلين بالأغاني الرائجة ضمن تحديات TikTok. وعلى خط البودكاست، انخفض الاستماع باستثناء تلك المرتبطة بالظرف الصحي الحالي مثل CNN – Coronavirus: Fact VS Fiction.
بالمحصّلة، الأسابيع القليلة الماضية شكّلت تحوّلًا بالنسبة للجميع، إذ ليس من السهل التأقلم مع أسلوب حياة جديد. في الوقت الذي انخفض فيه الاستماع إلى الموسيقى بنسبة 10 إلى 15 % خلال أول أسبوعين، يبدو أنّ الكثيرين بدأوا بالتأقلم مع الظروف التي فرضها كوفيد 19 وابتكار أسلوب جديد للاستهلاك الموسيقي. وقد قدّمت أنغامي أيضًا، بالتعاون مع مجموعة 8eArt فيديو وجّهت فيه تحيّة من القلب إلى الطواقم الطبية والعمل المذهل الذي تقوم به في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط.
Leave a Reply