في الحلقة الأخيرة من الموسم الثاني من برنامجه “طوني خليفة” حطَّ رحاله على مقدمات نشرات الأخبار على شاشتنا المحليَّة، بعدما وجد أنها تنوَّعت لا بل تناقضت وكأن كلّ قناة أو شاشة تتحدث عن بلدٍ ما غير لبنان الذي نعرفه كلنا ونعيش فيه اليوم… إنها حالة انفصام كما رآها خليفة، ليس بالنسبة لتلفزيوناتنا فحسب بل للمسؤولين في لبنان.. كل المسؤولين الذين تعوَّدوا قهر شعوبهم… خليفة لم يستثنِ الشعب اللبناني نفسه مستعرضًا صورتين لهذا الشعب بين من يقف في “الطابور” لشراء ربطة خبز، ومن يقف في طابور مقابل لشراء ملابس من أغلى الماركات… كما كانت هناك أكثر من صورة لصرخات أناس من الجوع، وصرخات آخرين يرقصون و”يهيِّصون” ويغنون لدولارٍ سيصل إلى العشرة آلاف دولار.
صدمة منال عبد الصمد.
كما هي العادة كانت كاميرا البرنامج هي السبَّاقة في تقديم الوجه الآخر للكثير من الشخصيات العامة، وكانت الوزيرة منال عبد الصمد هي الحدث في الأسبوعين الماضيين عندما انتشرت تغريدة لها تقول فيها: “بالأشهر الماضية شغلي لساعات متأخرة حرمني انزل للسوق… مبارح المسا نزلت للشارع. حكيت مع الناس. تضايقت لأن بيعز عليّ شعب كريم يصير فيه هيك. الأسعار نار والشعب جوعان. بعض الناس فقدت الثقة فينا بسبب ممارسات عهود سابقة. بعتذر منهم. عم بحاول قدر استطاعتي بوزارتي، ورح كون صوتهم بالمجلس”. هذه التغريدة لاقت الكثير من ردود الأفعال السلبيَّة، خصوصًا ممن لم يستدركوا أنها ليست تغريدة آتية من فراغ، ليتبيَّن ومع هذه الحلقة أن كاميرا “طوني خليفة” وبعهدة الزميلة زهراء فردون هي التي قامت بالجولة التي استدعت حصول هذا الكلام على لسان معالي الوزيرة… جولة الوزيرة منال عبد الصمد في أكثر من محطة وشارع جعلتها تدمع لمشاهد لم تعتدها، كما لم نعهدها جميعًا وسط الأحوال المتردِّية لغالبية اللبنانيين والمقيمين، بعد الانهيار الاقتصادي والذي استدعى قيام حراكٍ، بالرغم من أحقيِّته لكنه أسهم في تعطيل أعمال الناس، لتأتي جائحة الكورونا وتزيد في طين الحاجة والعوز بلَّة… أكثر من حالة التقتها الوزيرة الصمد مع كاميرا “طوني خليفة” والتي وصلت بها إلى أحد محلات “السوبر ماركت” لتفاجأ بالأسعار التي غابت عنها لفترة خلال انشغالاتها بأمور الوزارة… وإزاء كل ما رأت من قضايا لم تكن على دراية بها فعلًا، خصوصًا بعد مواجهات عنيفة مع الناس كشفت خلالها عن رحابة صدر وتقبل حتى للهجوم العنيف على شخصها، كما قالت إن ما شاهدته يستدعي المتابعة وهذا ما وعدت به عبد الصمد.
ساشا دحدوح.
“يا عيب الشوم”… إنه مشهد تجاوز الإذلال، هذا المشهد الذي رأته الإعلامية والفنانة ساشا دحدوح متجسدًا من خلال التقرير الذي نشره تلفزيون الجديد حول “ثلاجات” اللبنانيين الفارغة من لقمة طعام أو حبة فاكهة، وربما من زجاجة مياه لا مرطبات… مشهد رأت أنه يدفع للبكاء فعلًا، مستعيرة كما قالت جملة زميلتها حليمة طبيعة، ومختتمة بعبارة: “اسرقوا بس خللونا نعيش اسرقوا بس طعمونا اسرقوا بس عيفونا… قوموا عن الكرسي وانظروا إلى براداتكم هل هي مثل براداتنا… أشك بذلك…”
هذه المقدمة لساشا دحدوح ضمن البرنامج الصباحي على “قناة الجديد” انتشرت بين وسائل التواصل قبل أن يتداولها الناس بأنفسهم على مختلف الوسائل المتاحة، ما استدعى إطلالة دحدوح في هذه الحلقة من “طوني خليفة”، لتردَّ أولًا على سؤال خليفة وهو سؤال الناس: “إذا كانت ساشا المعروف عنها وضعها المادي الجيّد هذه صرختها حول تجويع أطفالها… فماذا عن الآخرين؟!” لترد أنه وعلى العكس هذا الجوع بدأ يطال الجميع في لبنان وهنا المشكلة أو الطامة الكبرى والتي تحتاج إلى العلاج فعلًا.
استقالة آلان بيفاني.
في توقيت ملتبس كما أشار الكثيرون أعلن مدير عام وزارة المالية آلان بيفاني صباح اليوم تقديم استقالته من منصبه، والتي تسلَّمها معالي وزير المالية غازي وزني في وقت لاحق، وقبيل ساعات من انطلاقة هذه الحلقة عقد بيفاني مؤتمرًا صحفيًّا أعلن فيه تبريرات هذه الخطوة التي تترافق اليوم مع تدهور مالي وإداري في الوزارة منذ سنوات، ما أوصل لبنان إلى ما وصل إليه من “دمار اقتصادي”… هذه القضيَّة استدعت أولوية أن تكون في هذه الحلقة الأخيرة من هذا الموسم على طاولة “طوني خليفة” ولو على حساب فقرات سابقة كانت قيد العرض الليلة… استقالة بيفاني جرت مناقشتها مع الإعلامي-الاقتصادي جاد غصن من داخل الأستوديو، وذلك بعد إطلالة النائب السابق مصطفى علُّوش من منزله في شمال لبنان.. والنقاش ارتكز على نظرية التوقيت وهل أن بيفاني قفز من السفينة قبل أن تغرق بشكل نهائي، وهل هو بالفعل ممن أسهموا في غرق هذه السفينة وعندما جاء وقت الحساب عمل على تحييد نفسه… هذا الحوار أعاد النقاش إلى كلام للوزير السابق وئام وهاب حول هذه الاستقالة وتوقيتها…
ريم حيدر.
الكل يذكر اسم ريم حيدر من خلال صرختها خلال حرب تموز التي طلبت فيها ومن بين أنقاض الضاحية الجنوبية الُمدمَّرة بفعل العدوان الإسرائيلي، عباءة السيد حسن نصرالله لتشمَّ فيها رائحة عرقه وهو يصمد بوجه هذا العدوان، يومها تحقَّق حلم ريم وعُرضت عشرات التقارير حول استلامها لعباءة السيد وكيف قامت بحفظها في منزله… أما اليوم فإننا نرى ريم حيدر بين أوساط المتظاهرين في ساحات لبنان كناشطة لا تتردَّد في انتقاد رئيس الجمهورية وعهده وبكلامٍ خارج عن اللياقة والمألوف، متجاهلة كونه الحليف الأقرب لحزب الله والسيد حسن نصرالله، كما أنها لا تجد حرجًا حتى في انتقاد حزب الله نفسه من منطلق محاربة الفساد الذي أوصل لبنان إلى هذا الإنهيار الاقتصادي… ريم حيدر أطلت مع “طوني خليفة” لتطلق ما هو أكثر بكثير من هجومها العنيف على مقام رئيس الجمهورية، لكنها بدأت بالتأكيد إنها ما تزال هي هي “أم العباءة” كما أطلقوا عليها بعد حرب تموز، وقالت إنها ما تزال في موقعها “المُقاوم” وهذا ما يدفعها لمواجهة الفساد، وعلى هذا الأساس ردَّت على أسئلة لخليفة بالقول إنها لا تستهدف تيار الرئيس وحده، بل سبق أن شنَّت هجومًا على “حركة أمل” وسيطرتها على الماء والكهرباء في الضاحية الجنوبية، كما تعرَّضت بانتقاداتها للحريرية السياسية، وبالمقابلعادت وأعلنت أنها حتى اليوم تعتبر السيد حسن نصرالله بمثابة والدها.. أما حول سؤال خليفة لها عن “الرئيس عون- الأب” فردَّت إنها على العكس لا تراه كذلك، كما لا تراه حليفًا للمقاومة…!
القرار القضائي.
على خلفية المقابلة التي أجرتها السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا مع قناة “العربية-الحدث” وقامت خلالها بالتحريض على حزب الله مصنِّفة إياه بالمنظمة الإرهابية، ومعتبرة أن الحزب قد تسبَّب بالإنهيار الاقتصادي في لبنان، هذا الكلام الذي رأى فيه كثيرون تحريض على مكوِّن أساسي في لبنان، لديه نوابه وزراؤه، وذلك لزرع الفتنة بين مكوِّنات الشعب اللبناني: (من باب أن هذه المقاومة هي التي أدَّت إلى إفقاركم) الأمر الذي استدعى تبرُّع إحدى الشابات الجنوبيات بمبادرة خاصة بتوجيه كتابٍ على شكل ادِّعاء أو إخبار بحق السفية والمقابلة، وهذا الكتاب وصل إلى قاضي الأمور المستعجلة في صور محمد مازح ، فقام بإصدار قراره الشهير نهاية الأسبوع الماضي بمنع أي وسيلة إعلامية لبنانية أو أجنبية تعمل على الأراضي اللبنانية، سواء كانت مرئية أم مسموعة أم مكتوبة أم إلكترونية، من إجراء أي مقابلة مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا أو إجراء أي حديث معها لمدة سنة، تحت طائلة وقف الوسيلة الإعلامية المعنيَّة، عن العمل لمدة مماثلة، في حال عدم التقيد بهذا الأمر، وتحت طائلة إلزام الوسيلة الإعلامية المعنيَّة بدفع مبلغ مائتي ألف دولار أميركي كغرامة إكراهية في حال عدم الالتزام بمندرجات هذا الأمر. للنقاش بهذه القضيَّة على طاولة “طوني خليفة” حضر كلٌّ من المحامي نعوم فرح (خبير قانوني في قضايا الإعلام) والمحامي حسين هاشم (رئيس تجمّع المحامين في حزب الله) مع توصية من نقابة المحامين بعدم أخذ القضية من جانبها السياسي بل القضائي، كشرط للسماح لهما بطرحها أمام الإعلام وهذا ما جرى.. وإذا كانت خلاصة كلام المحامي فرح بأن ما قام به القاضي لم يكن موفقًا وغير مبرّر وسيتم نقضه وإلغاؤه، كان رد هاشم بأن القرار بمجرد صدوره حتى لو جرى نقضه، فقد أدَّى مهمته باعتباره أول قرار من نوعه في بلد عربي يواجه سفيرة أميركية دون أي اعتبار للتسلط الأميركي، هذا التسلط الذي ذكَّر بتهريب العميل عامر فاخوري من قبل السفارة الأمريكية دون مراعاة لقرار الدولة اللبنانية بمنعه من السفر.
شاب لبناني معنّف.
للمرة الأولى وعلى مدى سنوات من هذا البرنامج (بين للنشر وطوني خليفة) نكون أمام قضية تعنيف بهذا الشكل: فقد جرى تبليغ فريق البرنامج حول شاب لبناني يتعرض للتعنيف بأبشع ما يمكن أن نراه من تعنيف، وإذا كان تعنيف الأطفال والنساء من أنماط التعنيف الذي لطالما عهدناه فإننا هنا أمام التعنيف الذي لا يقل شأنًا حيث المعنِّف هو العم (شقيق والد الشاب علي الأطرش) أما وسائل التعنيف فتبدأ بالحرق وتصل إلى السلاسل الحديديَّة مرورًا بمحاولة قص الأذن… هذه الحالة التي رصدتها كاميرا طوني خليفة وعمدت إلى توثيقها بالفيديو، بين مكان عمل الشاب في محل لبيع وتصليح إطارات السيارات والمنزل، وإزاء إنكار العم ومحاولته التملَّص جرى تقديم الفيديو لوزارة الشؤون الاجتماعية، وذلك لإجراء اللازم… وفي اتصال مع رنا جفّال (مساعدة اجتماعية في مكتب مدير عام وزارة الشؤون الاجتماعية) والتي تسلمت الملف بنفسها أشارات غلى عمليات مماطلة جرت من قبل المعنيين، ما يستدعي الملاحقة لأن ما شاهدته بالصوت والصورة يؤكد حالة التعنيف وبمنتهى القساوة…!
Leave a Reply