في خضم ما حدث ويحدث خلال الحجر المنزلي الناتج عن الفيروس التاجي الذي أصاب العالم أجمع. حيث إلتزم الكثير من الناس في منازلهم يمضون الوقت، يرقبون آخر مستجدات هذا الفيروس القاتل، بإنتظار ما ستؤول إليه الأبحاث لإستكشاف الدواء المناسب والناجع له.
تنوّعت سُبُل تمضية الوقت في المنزل عند الكثيرين الذين ياتوا مقيّدين بالحجر المملّ ، فمنهم مَن إختار التفنّن في إعداد المآكل وأمضى وقته في المطبخ ، والبعض منهم حاول الترفيه عن نفسه بالتمارين الرياضية والعمل في الحديقة والبعض الآخر آثر حياة النوم والإبتعاد عن كافة الناس ، وأغلبهم – وهذا الأهم – قد إعتاد الجلوس أمام الكومبيوتر يتبادل الأحاديث مع أصدقائه ويتابع المواقع الإلكترونية “السياسية والفنية” أو يشغّل هاتفه المحمول للتعرف على أصدقاء جدد ، ويفتح معهم علاقات بقصد الترفيه وتمضية الوقت.
ويما أننا أشرنا الى نقطة أساسية في كلمتنا عن حالات بعض الناس في كيفية تمضية أوقاتهم في الحجر المنزلي ، وهي تشغيل الموبايل أو فتح شاشة الكومبيوتر للتعرف على أصدقاء جدد ، لا بد لنا من أن نلقي الضوء ونفتح تحقيقنا عما آلت اليه هذه الحالة وجلبت على العديد من الويلات والكوارث .
في عصر التكنولوجيا والتقدّم ، دأب بعض الناس على إستخدام المستحدثات الجديدة لمآرب شخصية بعيدة كل البعد عن السبب الذي وُجدت من أجله.
فالحضارة التي إنبثقت من صميم الرقي والتقدّم أضحى يستعملها البعض لغرائزه ولتشويه أهدافها ، خصوصًا وأن بعض الظروف تساعد على هذه النزعة المُغلقة التي تضجّ وتتفاعل مع مَن نشأ وعقدة النقص ترافقه وتكبر مع مارد جحوده، وربما قد زاد الطين بلّة هذه الأيام المملة التي عاشها البعض في حجر منزلي يبحث عما قد يلهيه بكل ما توافر أمامه.
وكان المتنفس الوحيد الذي يربطه بالخارج هو المحادثة مع الأصدقاء على الإنترنت وإلقاء النظر على التعليقات التي تُطرح على مواقع التواصل الإجتماعي والبحث عن علاقات جديدة في عالم إفتراضي، تبقى فيه الحقيقة مجرّد رقم لا يُقاس أمام إحتمالية الوهم وضياع الثقة بالطرف الآخر الذي يحادثه.
فيدخل في عالم التعرّف بمحاولة لا يعرف نتائجها، معللًا نفسه بأنه قد يصيب فيها وينال مبتغاه من فتح علاقة مع الجنس الآخر ربما تؤدي الى ” مصاحبة” أو غرام حقيقي يفتقده في حياته الاسرية والعائلية.
وتدور الدوائر حين يلتقي هذا الشخص بشخص آخر يتمتّع بنفس الجوهر وذات الإهتمام ، فتبدأ حالات التكاذب والمفاخرة .. وأحيانًا قد يقعان معًا في لعبة الصداقة الإفتراضية وتتحول الى علاقة حب وشوق وهيام.
وتقع الكارثة الكبرى عندما يكون أحد الطرفين متأهلًا أو كلاهما متأهلين ، فتنهار العلاقة الزوجية لكل منهما ،ويبدأ المنزل في ” زعزعة ” بنيانه ، وتتشتت أفراد الأسرة وتقع في الضياع .. وهذا ما حدث مع الكثير من روّاد المحادثة الإفتراضية التي سنتكلم عنها تباعًا.
Leave a Reply