خميرة التجربة المضاءة هو نبيل شعيل…
عمق المشوار الطويل الذي كلل بشجرة مثمرة جعلته الاكثر انتشاراً في الوطن العربي بين كل ابناء جيله من مطربي الخليج هو نبيل شغيل…
نجاح له جذوره عبر سنوات التعب والنجاح والتواضع هو نبيل شعيل. تواضع فيه كل الثقة بأنه وحضوره وشخصه هو نبيل شعيل…
كل هذا سكبه أمس المطرب الكبير، مطرب النجاحات، ومطرب المهرجانات البلبل الذي لا يتعب نبيل شعيل في الحفل الثالث من مهرجان فبراير 2022 – العودة.
استرجع نبيل أصول الغناء في المهرجانات، صافعاً كذبة نجومية البعض، وبالامتحان يكذب هذا وذاك! وبالفعل نبيل تفوق على الجميع، ووضع كل مشواره في حفلة بلده ليشعل الصالة طرباً، ويسحر الجمهور تواضعاً، ويغرد مع الأنغام عذباً، ويمطر الشعر بكلمات يفوح منها الفجر ماء ليروي مسامعنا حتى النشوة! ماذا فعلت يا نبيل يا ابن شعيل يا أبو شعيل ؟! …
لقد خطفت النجاح، وتركت المسرح ملتهباً، ومن سيغني بعدك سيرتبك، وسيخسر الحفلة الجمهور، وهذا ما حدث مع المطربة أنغام التي اتخمتنا بالملل، ولكثرة ما تثاءبت جعلت الجمهور ينصرف، ووصل تثاءبها نعاسها إلينا نحن من يشاهدها عبر التلفاز!
ابدعت يا نبيل، واختلفت عن الجميع ممن شارك حتى الآن، ففط المطرب القطري الشاب فهد الكبيسي نجح بامتياز مع جمهور الكويت، ولكن نبيل شعيل أشعل الحضور النجاح الغناء بذكاء الخبرة والتواضع، والحضور الثاقب! الجمهور الكويتي قد يصفق للفنان من باب الأدب وليس من باب الاعجاب إلا نادراً، وإذا لم يكن الفنان بالمستوى ينسحب هذا الجمهور بهدوء، تاركاً الفنان يغني وحيداً، وهذا ما حصل في الحفلات الثلاث من مهرجان العودة، لآن الجمهور الكويتي صعب المزاج، وسهل الانسجام مع من هو مطرب حقيقي، ومن أهل المسرح، ومن أهل الذوق! ما أن خط نبيل بقدمه المسرح حتى رفض الجلوس قبل أن يرحب بالجمهور قائلاً:” هذا الجمهور يجب أن احييه، أن احترمه، هو جمهور مختلف، جمهور محب”…هنا زاد نبيل من حماس الجمهور، وهذا أعطاه حماسة كي يغني براحة أكبر، وبنشوة لا يعرف قيمتها إلا أمثاله من كبار التجربة. الجمهور جمهوره، هذا ما تلمسناه بعد كلامه ومحبته للكويت، لذلك، ومنذ اللحظة الأولى الجمهور يغني قبله في “قلتلك احبك للموت”، و”ما طيق الزعل ” رائعة رائعة، وكرت المسبحة إلى أن أعاد قديمه برشاقة ” ولي ماله أول” جعلت نبيل هو الأول.
والأجمل والأصعب أن يغني الفنان جديده أكثر من قديمه، وهذا ما فعله نبيل حيث غنى كل ما نفذه خلال مرحلة الكورونا، ولم يقم بإنشادها من قبل بسبب الظروف، إنها مغامرة، ومغامرة صعبة عند فنان لديه رصيده الكبير من أغانيه القديمة الناجحة، ونبيل المغامر دائماً اراد أن يتحدى نبيل، ويتحدى الجميع، والمفاجأة أن الجمهور الذي لم يتعب ردد هذا الجديد قبل نبيل، وما زاد من حماسة الجمهور في ذلك كلام نبيل مع الحضور باستمرار مما جعل نبيل أن يغني كما لم يقم بالغناء من قبل، ليَّل، اطرب، واستخدم عربه بذكاء، سلطن، ذاب على المسرح حينما دخل بعمق الغناء اللحن مفرداته الشعرية…نبيل كان المختلف، المنبع، وجعل من حفلته هذه حفلة تاريخية له، ولن تغيب ذكراها!
والأجمل حينما ختم بكوكتيل قديمه حتى النشوة لذاكرة خصبة، زُرعت من صبر وتعب نبيل، وفيها البحث الدائم عن الجديد! خرج نبيل من مسرحه والجمهور رفض خروجه، وهنا صعوبة من سيغني من بعده مهما كان اسمه! وباختزال …الجمهور خرج مع نبيل…ونبيل خرج إلى الجمهور دون حراسة العضلات والقوة، رفض الحرس الخاص، وترك المعجبين يلاغونه، ويتصورون معه في لقطات للذاكرة، والعجيب الكم الكبير من الجمهور الذي انتظره خارجاً ” كما اكده الزملاء لي، وكما اكدته الصور التي ارسلت لي”!
ليلة من ليال العمر في حفلات فبراير كانت ليلة نبيل شعيل…نبيل شعيل رفض عقدة الاسم اولاً، لم يعقده اسم غيره، ولم تعقده الوصلة الثانية أو الختام أو لا حفلة! نبيل اسمه وتاريخه قبل اسم وتجربة المطربة المصرية انغام، هو لم يعلق على تعمدها ان تختم، وأن يكون اسمها قبل اسمه! …
وافق نبيل دون غرور، واعتمد على أن الجمهور هو الحكم، وهذا ما حصل، وما أن انتهت وصلة نبيل، صعدت أنغام التي دججت كل تحركاتها بحراسة مشددة من قبل أصحاب العضلات المنتفضة المنتفخة “حرس خاص”…وبعد أغنيتها الثانية، ولكثرة ما تثاءبت خرج أكثر من نصف الجمهور…وهنا كان الامتحان !
** ملاحظة: على أسماء كبيرة شاركت في حفلات فبراير 2022 – العودة أن تراجع حساباتها في الغناء المباشر، ومن خارج المجاملة نشير إلى أن المطرب السعودي الكبير محمد عبده لم يوفق بوصلته في اليوم الأول، غنى رفع عتب، غاب الحماس في الاداء، وغاب الانسجام بينه وبين جمهوره وما يغنيه، فكانت وصلته مملة!
وأيضاً المطربة نوال في اليوم الثاني أخفقت، وبان صوتها منهكاً، كانت بطيئة، ولم تصلنا كلماتها، ومخارج حروفها تائهة…نوال كانت متعبة جعلت الجمهور يخرج من الصالة، وصلتها مملة أيضاً!
القطري فهد الكبيسي توفق جداً في وصلته في اليوم الثاني، وذكرنا بأننا في حفلات مباشرة، واليوم الكبير، المقنع، الواثق المتواضع نبيل شعيل ابدع، وقدم رغبات الجمهور من كتاب فنه، لم ينظر، لم يتفزلك، ولم يقع في الغرور، وغنى بطريقة مغايرة عن السابق…هذا سر نجاح نبيل شعيل، إضافة إلى اختياراته، سره في تعامله مع جمهوره بعشق الشغف مما يزيده شباباً وتوهجاً إلى اليوم!
Leave a Reply