يطالعنا البعض من الشباب النَزِق الذين يمتهنون الصحافة وسيلة للوصول ، على إنجازات قاموا ويقومون بها من أجل رفع شأن الصحافة وتثبيت مداميكها في عالم المقروء والمسموع ، من دون أن يحسبوا للآخرين أي حساب، ولو كان ( الآخرون) مُجيدين في مجالهم وأصحاب كفاءات عالية ومهنية فائضة، لأن في إعتقاد هؤلاء “الضعفاء المستَجدّون” ، أن المهنة لا تستقيم الّا بما يرونه هم من منظارهم المحدود، وغير ذلك.. من العبث تصحيح مسارها مهما حاول الضنينون والمجتهدون.
فتراهم يجتمعون ويتجاملون على غيرهم، ملّتفّين و منتقدين كلّ مَن لا يقف ويساهم معهم في رسالتهم الخاوية، فيتناولون عمله في جلساتهم الخاصة الذين يسّخرون أغلب وقتها للإنتقاد السخيق وتبيان مواهبهم الضحِلَة في الضحك والإستهتار ، وإلصاق التِهَم ،بغيرهم ،التي غالبًا ما يبنونها على وَهْم لطالما إستقوه من خلاء رأسهم وسواد قلوبهم. لا لشيء..إنما لعدم مقدرتهم على إستيعاب (هذا البعيد عنهم) ووضعه تحت عباءتهم. فالبعض من هؤلاء السادة السخيفين ،مثلًا ، يطرح بين الفينة والاخرى ” بوست ” على جدار صفحته الخاصة على الـ فيس بوك، بقصد التنّمر على شخصيّة ما – من دون سبب ووجه حقّ – إلّا لموقف مسبق قد أوحت به ضغينته إليه وزادها إمعانًا ضعفه في المواجهة، فشاء أن يسخر و يعلن موقفه الجبان متسترًا خلف تلك السطور الواهية ، ليظهر أمام أصحابه بمظهر القوّة القاهرة التي يُحسب لها ألف حساب .
فترى جميع هذه ” البوطَة ” المتصادقة تتضامن معه وتتسابق في طرح التعليقات المؤّيدة و تزيد عليها الكثير من الـ ” جَعْلكات “و الـ ” جَعدَنات ” الكلامية ، مناصرةً لهذا الصديق العتيق في فكرته الثاقبة والمثقوبة من مختلف النواحي، معلنةً التضامن معه ، لكأن كل ما تفوّه به مُنزلًا لا يُمكن شطب حرف واحد من هذه الهلوسات المصيبة.
كما أن أغلبية هؤلاء يدّعون الترّفُع عن تبعيّة الفنانين والإستلحاق بهم ، لأن شرف المهنة يمنع عليهم التوّدد والتزّلف، فتراهم يُنظّرون في جلساتهم وفي وسائلهم الإعلامية عن وجوب أن يبقى الصحافي في مكانته وألّا ينصاع الى التزّلم والزحف خلف الفنان ، لأن من الواجب والمنطق أن يتبعه الفنان رغمًا ، لأنه بحاجة الى إعلامه وقلمه وصوره كي تشاهد الناس حفلاته وأعماله، وأن يتقاضى الصحافي بدل أجره من هذا الفنان وألّا يشحذ منه ثمن أتعابه التي تبقى في أغلبها ” ع الوعد يا كمّون “أو في حال شاء أن يُكرمه ويدّلله يبقى هذا البَدَل كـ حَسَنَة أو ” ما سمحت به يده”.
لكن – مع الأسف – يبقى كل هذا الكلام تنظيرًا يتفوّهون به مع بعضهم البعض. إنما في الحقيقة والواقع ، تجد أكثر هؤلاء المنظّرين يركضون في السهرات يلهثون خلف الفنان الذي لا ” يُعبّر ” أكثريتهم ، يلقون التحيّة عليه بإذلال ويتدافعون لتصويره ولإجراء مقابلة معه ، مبتسمين له . وهو بالكاد ينظر إليهم ، وفي حال إلتفت ناحيتهم لا يعيرهم أيّ إهتمام.
Leave a Reply