عدد لابأس به – وبؤسًا له ، إنخَرَط عن جديد في سِلْك الموضة برتبة ” مُقرّر “و ” مُنَظّر ” ، يسوّق نظرياته الفارغة على المنصات والشاشات ، لإعتقادٍ عنده ، أنه القيّم الذي يبذل جهده – بعد خُبُرات – لإضفاء لمسة ذوّقية ( نسبةً الى الذوق ) على مسارات تهّم مظهر وشكل الناس ، خصوصًا الفنانين ، وتُنظّم أذواقهم بطريقة صحيحة .
وهو الذي جاء إنخراطه في هذا السلك من فراغ سابق في حياته ومن فشل مزرٍ في مسيرته الضوئية التي ” سَقَط من أولّ دَعْسَة” عن عامودها ولم يفلح بإبعاد العتمة عنها ، فشاء أن يحوّل مساره الى معبر آخر ، علّه في ذلك يُعوّض ويُعيد بعض الضوء والوميض الى شخصه الكريم .
فإرتأى السير بهذه الدرب التي يبقى رأسمالها – حسب ظنّه و في أشدّ الحالات -” كمشة ” صغيرة من الأفكار و رصف كلام لا تكلفة له.
ويظهر الكثير من هذا البعض على العامة بعكس ما يدّعي ، فتراه يتحدّث بهرطقات فلسفيّة عن الـ ” إتيكيت ” في اللباس والتنسيق في المظهر ،وهو يرتدي ثياب ( أقلّ ما يُقال فيها من عصر التَنْكِة) مما يثير ضحك كلّ ناظر له، خصوصًا عندما تكون أغلب ثيابه مكوّنة من قميص ” مزّمكة ” و ” مْجَعْلَكِه “بألوان أشبه بلون الطاووس تكشف كامل تفاصيل جسمه الهش والـ ” مُكْرِش “فوق بنطال تتنافر ألوانه بطريقة مقززة ، مرفوعًا من كمره الى أعلى الصدر ، ( غالبًا ما يخجل من إرتدائه حتى المجانين ) كما أنه ينتعل حذاءً ممسوحًا مجرودًا ومرقّطًا كلون الأفعى الصحراوية ، مصفّفًا شعره بطريقة ” مطلوسة بالـ gel طلسًا ، فيمكنك مشاهدة قطرات هذا المُنتج تتساقط على الرقبة الخلفية من دون وضع نظّارة أو مكبّر للصورة.
ولا يثنيه ذوقه من الإسترسال في حديثه عن اللياقات والبروتوكوليات ، منتقدًا إطلالات الملكات والممثلات وسيّدات المجتمع، واضعًا تسعيرة لكلّ جاكيت وفستان لكأنه الخبير والعليم بنوعية الأقمشة والمرجع المهم للعلامات التجارية والمصانع والفبارك التي تمتهن حرفتها بحذاقة وإبداعية.
فكيف لصاحب هذا الزيّ أن يتكلّم عن المظهر والـ إتيكيت ؟
وكيف له أن يُقيّم الناس بمظهرهم ولباسهم وطريقة ترتيبهم ؟
وكيف يجوز له التحدّث عن الموضة وهو منها براء؟
فلو ينقطع هذا البعض عن الظهور ويكفينا سخافة هرطقاته ، ويترك الكلام لذوي الشأن وللنخبة العالمة والمتخصّصة بهذه المواضيع التي من حقّها التحدّث – فقط – عن هذه الأمور ، لأنها ضليعة بها ، وتتابع الحداثة بكلّ مشاربها ، و تتحدّث عن جمالياتها بعلم ودراسة ومنطق مبنّي على تجربة ،كما يقدّمون المُفيد للعامة وما يتماشى مع العقل السليم .. لكنّا بألف خير.
Leave a Reply