فاضَت في الآونة الأخيرة ” كَيْلَة “أعداد المصوّتين والمصوّتات ِوإندَلَقَت ” تُزَرزب ” في الصالات والقاعات والساحات والمطاعم و”الاوتيلات”تعطي ما عندها من ” عدّيوات ” سخيفة مدهونة بلحن متناسخ ، يصلح لجميع المُضرّخين .
فلم يُستساغ صوت أغلبها عند الكثيرين ممَن لا يحبّون ” الترقيع ” و” التفقيع ” و ” التَنتيع ” و ” التَنْخيع”. ولم تُعجب أشكال أكثرها مَن يهتمّون بالذوق الرفيع والبديع و”الفظيع”. لما ترتديه من ملابس عصرّية لا يرتديها هؤلاء المهتّمون لا أثناء النوم ولا في وقت الإستراحة بالـ ” عَصرونيّة ” .فتراهم يشمئزون من مسخراتهم التي يستعرضونها في السهرات من خلال وصلات غنائية أشبه بـ ” طرطَقة الطناجر” .
ولم يدرك هذا الـ لا مُستسيغ والـ لا مُهتّم ، أن الصوت الذي ” يَقْدَح ” الأذن ويفرق بتجانسه عن النغمة الأصيلة ، هو إبتكار فائض لإضفاء إحساس مقزز أو “ثقيل” على الموسيقى، كما أنه لون غنائي ” دَارِج”، (فبقدر ما يثقُل سَمَعَ الساهرين بقدر ما هو ناجح وفالح ).
فالطبخة الفنيّة الـ “هارد روكية” ( بدون غيتار كهربائي وغيتار باس .. طبعًا ) المُزيّفة والمُعتمدة عند هؤلاء المصوّتين، تطفو بفقاقيعها على أجواء السهرات والـ ” جَمْعَات ” التي لو كانت من دونها لـ أمست أجمل وأرقى.
لكن.. هذا النَمَط الغنائي الرائج ، يرتاح له ويستلذّ به جيل من الشباب الهائج الذي يغنّي بقدميه، ولم يعرف عراقة الفن المُبدع ـ، ولم يسمع بأحاسيسه بتاتًا صوت الأصالة الحقيقية عند ” صباح ” و ” فيروز ” والـ ” صافي” و ” شمس الدين ” ولا موسيقة الرحابنة ولا غيرهم من المُبدعين الذين أغنوا تراثنا بفنّهم الخالد.
فيعتقد هذا الجيل ، أن الفنّ هو وليد هذه اللّمْعَة الضاربة التي ستدوم (حسب إعتقاده) ولا يعرف أن هذه اللَمْعَة مجرّد سراب في صحراء قاحلة ، تعطي أملًازائفًا ومفقودًا ولا تروي رَمَض.
Leave a Reply