يُحارَب الفنّان اللامع ،عادةّ ، وهو في قِمّة نجاحاته وعطاءاته من بعض الحاسدين (ويكونون في أغلبهم من زملائه ورفاقه ) الذين تلعب الغيرة في” مُخوخهم” لعبتها، فيحاولون بشتّى الوسائل تجاهله و”تَطْميشه “، مستخّفين بمقدرته ونجوميته وإنجازاته وإبداعيته، ولو قُدّر لهم سحقه فنيًا لِمَا تراجعوا خطوة .. وما رحموا.
وما أكثر ما” يَتَحَرْبَنون” ( نسبة للحرباء) لحظة لقائهم به ، فيجاملونه بأجمل عبارات الكلام المعسول ( لأنهم لا يجرأون على مواجهته لضعفٍ في نفسيّتهم) ، فيُعبّدون الطريق أمامه ، مرغمين ،بكثير من التحتيّة والتزلّف حتى يكاد المُستمع إليهم يصدّق شفافيتهم ومحبّتهم وصفاء نيتهم ونُبل مشاعرهم.
وما أسرعهم بالهروب منه ساعةَ تخفُت الأضواء عنه بعد مسيرة حافلة بالتضحية والإبداع ، فيتهرّبون منه مُبتعدين عنه ، محاولين ألّا تجمعهم الصدفة به ، مُتحاشين التحدّث معه، فلم يعد أحد يُحمّل نفسه حتى عناء زيارته أو السؤال عنه.
ويجلس ( هذا المَحسود ) في منزله منسيًا ،لا أحدًا يطرق بابه إلّا جابي ” إشتراك مولّد كهرباء الحَيّ” أو ” عامل ديليفري السمّان ” الذي يؤمن له طَلبات حاجياته.
ويقضي فترة آخر مشواره العمري، وحيدًا، مغلوبًا، محتاجًا، يعيش على مجدٍ ماضٍ قد صَنَعَه، يُعزّيه ( هذا المَجد ) في وحدته ويُسهّل عليه مصيبة ظُلم الصداقات الزائفة والحياة.
بَيْدَ أن المُفارقة الصعبة تكمُن، بتكاثر هؤلاء الـ ” هِجْمَانين ” بالحُبّ ، حين يعلمون بخبر وفاته ، فيتزاركون على “تلوين ” وجوههم السوداء بعبارات مُلّونة بالتعزية والوَجَع ( ما قيلَت قبلًا إلّا لذي سلطان ).
Leave a Reply