النقد الفنّي.. ليس مزاج وهوى ، ولا موقف يتلاعب في ثوابته ” الهوا ” .. أنه علمٌ مصقول بالدراسة والمَوْهِبَه، مجبول بالفراسة والتَجْربَة ، له ميزان ومُذراة فصول ورؤية عقول ، يقيس الكلمة بمختلف الحقول بـ ” العرض والطول ” ويُصنّف معاييرها وفْق الأصول ، كاشفًا المجهول في خباياه ويُوضح المَكنون ، واضعًا إصبعه على الجرح وعلى المبضع المَسنون ،إضافة الى سرده المشغول بمستلزمات الفنون وبترابطه المحبوك لا “المُعركس كالمَكوك”، متعمّقًا بأبعاده التي يجب أن تبقى ضمن المقبول والمعقول من دون الرضوخ الى ” توطاية الـ مْخوخ ” و ” تمسيح الجوخ ” .
وعلى مَن يُتقنه أن يُراعي قواعده و ” دَوْزَنَته “وألّا ينجرَّ خلف عواطفه وميوله.. بل عليه أن يكون صادقًًا بمعالجته، أكاديميًا في نظرته ، يسكبُ كلمته إبريزًا خالصًا في مكانها. لا أن يكون كذاك المسكين (صاحبنا) الذي يُقسِّم في كتابته النقديّة” ع الحجاز وع النوا ” ويَسْتجلب من الصخر ” الدوا ” ويَختلق من وَهْم صرعته ألاعيب ودُمى.
فالنقدُ أدبٌ جمالي، له رَوعته ونَكهته وميزته وحَلاوته، فلايستطع أيًا كان من حَمَلَة الأقلام أن يدخل باحته ويتمّشى في ساحته ويستظل في جنّته، فحريّ بمَن لم يكن في نقده نار أن يرميه بالنار.
Leave a Reply