على الرغم من أننا نتأجّج رغبةً لإيصال فنّنا السينمائي الى القِمّة، وجعل أفلامنا تستحوذ على أوسع شريحة عالمية، والنهوض به الى أرقى مستويات التنافس مع أهم روّاد الإمبراطورية الهوليوودية..
مازلنا نشاهد هزالة واضحة في صناعة هذا الفنّ عندنا من جوانب متعدّدة، يلزمها الكثير من الخُبرة والجرأة والتقنيّات والماديات.
و مع أننا نشاهد بين الفينة والأخرى محاولات ، تُستخدم لأجلها الإعلانات والدعايات الضاربة، ويُستدعى إليها رزمة من الإعلاميين والصحافيين لتغطية إفتتاحياتها من أجل إحداث ضجّة لها .. غير أنها تبقى -رغم زخمها – زوبعة بسيطة في فنجان صغير أمام محيط كبير وهائل من مثيلاتها في هوليوود و بوليوود ( على الرغم من الفرق الكبير بينهما أيضًا ).
وبحسب نظرتنا العلميّة للأمور ، نرى هذا الضعف يكمن في تناول المواضيع الفارغة التي لا تُشّجع المُشاهد على التحليل والتوّقع ، ولا تسرقه من لُبّه وتأخذه الى داخل الحدث بقوّة ، ولا تُشعره مشاركًا بكامل حواسه في عمق الفكرة التي تبقى في أغلب الختاميات معروفة النتائج سلفًا، بل تجعله يجلس في مكانه ينظر الى شاشة عملاقة ، تظهر على قماشتها بعض المناظر الطبيعية الخلابة أو يلاحق بعينيه مقوّمات جسد إحدى جميلات الفيلم ، متلذذًا بحركاتها ورشاقتها.
فلا التقنيات المُستعملة تجذبه ولا المؤثرات السمعيّة والبصرية تُشعل فيه حماسةً وتحّثه على التفاعل لمواكبة سير الأحداث التي تبقى غير مُنسّقة ومجرّدة تمامًا من الأكشن المثير حتى في مشاهد الحُبّ والمعارك ،وحتى في ذروة تصوير الموضوع تجد المشهدية مفكّكة بالحركة غير المتواصلة التي تفقد لذّتها امام شاشة العين ورجاحة العقل ، فلا تدغدغ وتُشبع نهم المُشاهد وتلفت إنتباهه.
على عكس السينما الهوليوودية التي تجذب الكثيرين وتجعلهم أسرى أحداث فيلمها وموضوعه، وهي التي تتميّز بوجود الإمكانية الاقتصادية المتاحة لوضع أضخم الميزانيات الممكنة لإثراء الفيلم سواء بالممثلين أو بالديكورات أو بالمؤثرات الخاصة والخدع السينمائية وبإمكانية أن يجوب الفيلم دولًا عدّة من أجل تصويره ما بين شرق الكرة الأرضية وغربها.
ولو سلّمنا جدلًا ، أن بعض الأفلام السينمائية القصيرة عندنا قد حظيت بجوائز عربية وعالمية في أكثر من بلد ومهرجان ، فهذا لا يعني أن السينما اللبنانية لا يلزمها الكثير من الجهد والدعم والإلتفاف من حولها لكي يُقسح لها المجال للتحدّيات العربية والعالمية ولتأخذ مكانًا متصدّرًا في قائمة السينما الأكثر مشاهدة على غرار السينما الأميركية التي تُعتبر الأعلى مشاهدة في كل العالم، ومتفوقة على السينما الهندية والإسبانية والإيطالية، وذلك لتقديمها أقوى الإنتاجات واختلاف أنواع الأفلام ( والشرح يطول ).
ومع أن الصناعة السينمائية عندنا ليست مُستجّدّة .. لكنها ما زالت تعيش حال من الخفقان لقلّة الموارد ولفقدان شركات الإنتاج التي تسخى لإنتاجها ولعدم دعم الدولة لها بشتّى المسلتزمات والتسهيلات ،فيبقى إنتاجها فرديًا محّملًا بنواقص عدّة…
ولا بدّ هنا من أن نثني على صنّاع السينما اللبنانية الذين يحاولون – حسب الإمكانيات المُتاحة لهم – أن يعطوا ما عندهم من خُبُرات وأن يعرضوا ما لديهم من مواضيع وسيناريوهات جاذبة، محاولين أن يأتوا بأبطال لهم أسماءهم مع عدد من الممثلين المعروفين على الشاشة الصغيرة ، كي يغنوا عملهم ويعطوه ميزة العراضة الكاملة، مُنفقين ما تيّسر معهم من أموال لإنجاح عملهم الذي يبقى ، مهما تضاخم ، عرضًا مشهديًا بسيطًا على طريقة الـ ” تيلي فيلم “،ينقصه الكثير من الصناعة المتفاعلة.
وعلى هذا.. لا يُمكن لنا أمام تحديّات العصر للصناعة السينمائية أن نقارن بين السينما الاميركية والسينما اللبنانية التي نتعاطف معها ونتمنّى لها الوصول الى تصدّر هذه الصناعة.
كما لا يجوز لنا أمام هذه الإفتتاحيات للأفلام السينمائية اللبنانية التي تتكاثر في الآونة الاخيرة ، أن نقف مشدوهين بصناعتها و مهلّلين لها ، لكأنها مثالية تجمع كافة مقوّمات النجاح وحيثيّة الإنتشار الأشمل .
فهي مجرّد محاولات ، نأمل لها أن تصل الى الذروة الذهبيّة ولو بعد حين.
Leave a Reply