في أشدّ هذه الحال الفنيّة التي لم تعد تُطاق، خصوصًا مع كَومَة هذه الأغنيات التي تشدّ على الخِنَاق ، وهشاشة هذا الذوق الفنّي الذي بات متجانسًا ومُترافقًا مع المطراق والطقطاق *.
ما فتئت بعض الأغنيات لنخبة من فنّاني الـ Class A تعقد الوفاق مع هذه النمطيّة المقززة من الأغاني وتحكُم بينها الربط وتشدّ الوثاق ، ولطالما ما طاقت الإنطلاق من داخل البيكار الذي تقوقعت فيه، رُبّ لعجزٍ فيها يمنعها من التقدّم في نوعيّة أغانيها وصوتها ولو قدْر نُصف طاق.
لكأن الفنّ ، عندها ، أصبح مشلولًا ، مُعاق.. لا تستطيع التخلّي عن رتابته ولا يمكنها الإنشقاق والفراق. بل شاء نهجها أن يبقى مطواق** لما قدّمه سابقًا، لذا تعمد على الإستمرار فيه ،فلا تجرؤ على التنوّع مخافة ألّا تخسر السباق ويظهر عجزها الفاضح والواضح أمام الجمهور التوّاق للتنوّع، كمأ أنها تخشى ظاهريًا من إعلان الطلاق مخافة أن يأفُل نجمها ويندثر مُرَمّدًا بين حاويات الزقاق.
فتراها.. تعمدُ على تكرار نفسها و ذاتها في أغلب أعمالها ، فلا صوتها بات يؤنس ولا فنّها عاد يُزيّن مائدة الفنّ بالورود والأطباق.
وعلى الرغم من كل هذا.. ما زالت مُصرّة على السير قُدُمًا في الظهور والإنتاج وتوقيع عقود الإحتفالات والـ” وْرَاق”.
من هنا.. كان لا بدّ لنا في هذا السياق وأمام هذه الرتابة والشغل المُعاق، أن نستذكر ونترّحم على سيمون أسمر ذلك العملاق الذي أعطى لهذه النخبة في الفن رونقًا رقراق، فصَنَع لها مجدًا طويلًا وكبيرًا، عاشت عليه عقودًا مع مختلف الأذواق. وأوصلها الى عالم بعيد الآفاق، ومَهّد وسَهمَد لها درب النجومية الشاق، وجعل منها أيقونة عزّ ولهفة لكلّ “سَميّع”ومشتاق، كما أهداها مزايا الطرب والتَغنّي والحبّ والوَله، فأمست رمزًا للعشاق، حتى بات أغلبها يتصدّر الشهرة والضوء البرّاق من الأبواب والـ” تواق”.
فلم تعد هذه النخبة متصالحة مع حال أغلب ناسها ، وما عادت معهم على وفاق، ويبدو أن مَرَضها أصبح اليوم بحاجة الى ترياق ..
والى عمليّة جراحية تستأصل هذا التماهي أو أن تعمد على التخلّص بإنزوائها على”رَوَاق”، فتكرار نفسها لم يعد مسموحًا.. فهناك فنّانين جُدد يجب عليهم إكتساح الساحة والرُواق.
كما علينا أن نبحث من جديد عن سيمون أسمر آخر ليُعيد الى فنّننا أمجاده لـ ” عْتاق” .
والله أعلم
______________________________________
Leave a Reply