تطالعنا من حين لآخر بعض البرامج ” المبريّة ” التي تدّعي ” التحررية ” و ” الإنفتاحية ” و ” الانتقادية ” و ” الإنقلابية ” و ” الخبرة الفنية ” و ” الحنكة الأدبية والشعرية ” … لتتحفنا بأفكار وأسرار ” تُفَرقع كـ البوشار ” من دون أي فائدة وإعتبار ، مُدعيّة أنها تعمل ” ليل نهار ” لإصلاح المَسار ممّا يشوب فنّنا وأفكارنا من إنحسار وسقوط و إنهيار ..
فتبدأ بالإنتقادات والفلسفات عن اليمين واليسار والـ ” داير مندار ” ، رامية الـ” شاكوش والـ شالوف ” والمِسمار على مَن تصادفه عيونها في هذا المشوار .. فتُشبعه خبيطاً ولبيطاً وتَفرمه ” قرنبيطاً ” وتلتهمه دون ملح وبهار ، خصوصاً اذا لم يكن من ” دفيّعة ” الدولار أو محسوباً على ” مُثقل الزنّار ” أو ليس عنده قميصاً أو حامياً يقيَه لهيب النار… فتتمادى بسحقه حتى يُفرجها فارج الكروب ومُبلسم القلوب القادر ” الستّار “.
وتتذاكى هذه البرامج على المُشاهد بالمواضيع التي تضيع في غياهب انتقادهم الفظيع ، فلا نعرف من أهدافها الرديء من البديع ولا أهمية الراعي من “القطيع “ولا التمايز بين خريف الكلمة والربيع ، فلكأنها بأسلوبها الوضيع تُفرغ ما في نفسها من سموم الحقد والكراهية في هجوم تعتبره نقداً “رفيع”، غير آبهة بصوابية الفكرة وترابطها ولو بالقدر البسيط والسريع.
فيا أصحاب هذه الأفكار المُكهربة .. إتقوا الله ، فكل ما تدّعونه ليس نقداً ولا في مكانه جدّاً ولا يفصل حدّاً … أنه مجرّد تفاهات و “بابازات ” تنّم عن ضعف وغايات ، بات اللبيب من الإشارة يفقهها فلا تناوروا وتتدّعوا ما ليس فيكم ولكم ..
فالنقد الصحيح هو علم فسيح ، وعلى مَن يريد سبر غوره أن يتعلّم الصِياح ليَصيح بلسان فصيح .. وأن يمخر عباب البحر ولا يغرق وسط الرمال والأوحال معتقداً نفسه ” سبيّح”…
فبئس هكذا برامج وبئس هكذا إعلام ….
Leave a Reply