ولم نجد مرّة، عند هؤلاء الـ ” زمرة الناقدة ” التي يستضيفونها على الشاشات والإذاعات والتي تتهاتر في إنتقادها الدرامي غير المنطقي، أي جواب شافٍ يمكننا أخذه بعين الإعتبار، ولم نسمع مرّة منهم صوابية فكرة، ترتكز على أصول وقاعدة في معالجتهم للدراما أو غيرها ممّا يثرثرون به تنّم عن معرفة وخبرة.
فكلّ كلامهم لا يتعدّى ” التقنيص” على هدفٍ( شخص واحد ) لم يتماشى مع تجارة أولياء أمرهم ،ولم يمتثل لمشيئتهم ، فجاءوا بهم أسيادهم وألصقوهم بهذه الصفة ( صفة الناقد الفنّي ) ليشوّهوا صورة خصمهم قدر المستطاع من خلال ما ينفخون به بأبواقهم المأجورة هذه.
ومن المضحك المُبكي، أنه يمكن – وبصدفة – لفردٍ من هؤلاء السادة المهاترين ألّا يكون مرتبطًا بهذه الشركات الإنتاجية والإعلامية، وأن يكون مستقلًا عنهم. لكن الفشل الذي يكتنفه، لطالما وجدناه عنده ، في كتابته ونصوصه و” ضَعْضَعة ” حجّته وفي فصاحته غير المُقنعة، وربما يكون بـ “صَفصَفة” حديثه أفظع شناعة و غباء من رفاقه. لأنه لا يختلف عن أغلبية هذه الأبواق بشيء. فجميعهم ما أحسنوا الكتابة يومًا ( لا هو ولا هم ) في مقالاتهم وأخبارهم التي يطلقونها عبر مواقعهم الإلكترونية وصفحاتهم الفيسبوكية ومنشوراتهم – من حيث بناء الفكرة والسرد والإملاء وصياغة الجملة – ولم ولن يُحسنوها.. لأن خلفيتهم آتية من فراغ ومن جهل مُطبق في اللغة وأصولها وآدابها.
علمًا .. أننا لم نقرأ لهم يومًا أيّة كتابة نقدّية ، يعلّلون بها إنزعاجهم ممّا يرونه هفوة دراميّة أو ” هَبطَة ” موسيقية و” سَقطَة ” صوتيّة أو سمعنا منهم كلمة يتعرّضون بها للمسلسلات والأغنيات التي يعتبرونها من دون المستوى المطلوب، بل تراهم صامتين ينقلون الأخبار من مصادرها حتى لو كانت مليئة بالأخطاء اللغوية والكتابية.
فكيف لمَن يحمل هذا الجهل فوق كتفيه أن يصبح غرّيدًا ويدّعي تصحيح الحال ويسدد سهامه على الفنانين والشخصيات ومنتقدًا الأعمال؟
فالنقد الحقيقي ، هو التصويب على الخطأ بقصد التصحيح ومن أجل تحسين البناء الدرامي والغنائي والشعري والمسرحي ..إلخ وليس لتعظيمه وتضخيمه ووضع المبضع في ثقبه لتوسيع دائرته وتكبير هفواته. بل من الواجب على مَن يُتقنه أن يشير بإدراكه ووعيه لناحية الأخطاء، راسمًا تصوّره المُنتج لتسوية الخلل الذي يعتقده من أجل أن يصبح العمل سليمًا خاليًا من كل شائبة، ولكن .. على أساس منهجيّ وعلمي، يتطابق مع المنطق والأصول المُتّبعة. وليس كما يقوم به ” أصحابنا ” في ثرثراتهم التي لا تصلح الّا لتعبئة الهواء هواء.
لكن الغريب العجيب، بعد هذا الـ ” تعتير المُضني”، أنه لم يطالعنا أحد من هؤلاء ” المُستَجدّين على النقد ” عن تصويبة له على أصول البناء للدراما التليفزيونية تحديدًا ( لأنهم أكثر ما يتناولونها في حديثهم )، لأنه – وحسب ما نشاهده ونستنتجه – لا يفقه ميزة النص الدرامي الذي يكمن في براعة الكاتب الذي يبرز ويحرّك تلك الحساسية الذائبة ، ولا يدنو بمقاربته على مَهّمة المخرج التي تستلزم إنتباهًا تامًا ولها متطلبات عالية جدًا ، ولا يتحدّث عن الحركة والإضاءة وعن الحبكة وأسس خلق الشخصيّة وعلى بنائها والأبعاد وكل ما يحيط بالمشهدية ككلّ.
(والتعداد يطول ).
فهؤلاء السادة ، همّهم الوحيد إعطاء وجهة نظر مفلسة على شاشات وأثير يفتحون لهم منابرهم ، معتقدين أن هؤلاء هم النخبة المؤثرة والناقدة التي لولاها لكان التقييم الفنّي في خبر كان.
ومن المؤسف جدًا ، أن يُطبّل ويزّمر لهم بعض المُستفيدين من الهجومات على منافسيهم ، والذين يشعرون بأبهة وفخر ، معتقدين نفسهم ، أنهم أصحاب مجد ورسالة صحيحة وبمنأى عن النقد والناقدين ، متناسين حقيقة حمايتهم من شركات الإنتاج التي لو رفعت الغطاء عنهم ، لإنقلبت عليهم هذه الأبواق بين ليلة وضحاها.
ولا يسعنا في هذا الكلام القليل، سوى لوم بعض مُعدّي البرامج والمُقّدمين الذين يستقبلون في برامجهم المرئية والمسموعة هؤلاء العابثين بالعلم والفكر ويقدّمونهم للناس على أنهم نخبة وازنة وصاحبة قرار.
Leave a Reply