يبدو أن الشَرخ والبَخ و”التعلاية والنَخّ ” والوقوع في الفخّ وهبل المهنة أضحوا من أسياد الحَدَث الذي حصل أمس، بين منظّمي حفل الهَضَبَة والإعلاميين والصحافيين ( الغَضَبَة) من تلك الإجراءات التي أُثيرت حول التعهّد المَنشور بـ ” اللُبّ والقشور ” الذي يؤكّد في إحدى بنوده عدم تحرّك الصحافيين من أماكنهم، ومنعهم من التصوير وكتابة النصوص والتقارير بمختلف المعايير والمقادير، والزامهم بالجلوس كبقيّة الجماهير ( فقط للتصفيق والتصفير – وهذا ليس عمل مهنة المتاعب إذا كان صاحبها من أهل المهنة وليس دخيلاً) وغيرها من بنود تعود الى مراسيم التنظيم التي لا تقبل إلّا الإشادة بالحفل وتقديم التبجيل والتفخيم والانحناء وعباطة الاحترام !
كلّ هذه الكتابات التي طُرحت على السوشيال ميديا، كان لها التأثير الكبير والمرير على أصحاب الأقلام الحُرّة التي تأبى الخضوع والخنوع ولا ترضخ للمسموح والممنوع ولا تأبه لكلّ تهديد مقروء أو مسموع بل تعمل وفق قناعاتها ومبادئها الإعلامية التي ترّبت عليها.
فكان لها ردّة فعل طبيعية على هذا الحدث الذي إستقطب حوالي 15000 شخصاً ارتدوا الملابس البيضاء في حفل يُعتبر الأبرز في صيف لبنان 2023..!
فقاطعته ..
غير مآسوف على الحفل بما حمل،لآن الكرامة الشخصيّة والمهنيّة أهمّ من كلّ شيء جميل في هذه الدنيا ( ومعها الحقّ ).
بيدَ .. أن هناك مجموعة حضرت من الإعلاميين المدعوين رسميًا التي ما طبّقوا عليها شروط التعهّد ( لحسابات تبقى رهن المتعهدّين ) كما كان هناك البعض من متعدّي مهنة الإعلام والصحافة الذين وَجَدوا الفرصة مؤاتية للحضور ولإثبات وجودهم الهشّ ، فنزلوا الحفل وصوّروا ما سُمِحَ لهم بتصويره” يا عيب الشوم” مُلتزمين بكافة التوجيهات والمحاذير التي فُرضت عليهم. وما همّهم موقف الصحافة والإعلام الأصيلين، وهذا لم يكن مفاجئًا ( لأنهم إعتادوا قبلًا على هذه التحتيّة في التعاطي)!
المُهّم في كل هذا..
لا شكّ، أن عمرو دياب من أبرز الوجوه الفنيّة في العالم العربي حاليًا، وأن حفله يجمع الكثير من محبّي فنّه ونجوميته.
ولا يختلف أحد، على أن السياحة الفنيّة في لبنان تحتاج الى ” نيمرو ” كبير على غراره وغرار تامر حسني كأسماء مشهورة من أجل أن تثبت ذاتها وتعود الى الواجهة في شرقنا العربي.
ولا نشكّك أبدًا بمقدرة عمرو الغنائية والـ كاريزما التي يتمتّع بها وكثافة الحضور الذي يجمعه من خلال إسمه فقط..
لكن..
لا نقبل بأن تقيّد الصحافة الفنيّة عندنا بشروط لا يقبلها الّا الخانع والخاضع والرخيص..
ولا نستهضم إلزامها بعدم نشرها أي نقد ورأي يختلف بمضمونه مع المُنظّمين ومتعهدي الحفلات..وبالتأكيد عمرو يتحمل المسؤولية على هذا الخطأ الفادح، وهل هو يسمح له أن يقوم بذلك في بلده مصر؟!
ولا نرضى بأن يغلّف صحافتنا الفكر الموّجه الذي يرفض التغريد خارج السرب الذي يرسمه هذا الفكر المستأسد والتجاري!
ولا تقدر صحافتنا أن تسمح لتقويض حرّيتها مهما كان شأن هذا الفارض…!
الحرية والصحافة صنوان لا يفترقان .. وعمرو دياب قد سَقَط عندنا لأنه مسّ بحرية صحافتنا العريقة، إن كان هذا الأمر حدث بعلمه أو من دونه، مع إن المعلومات تقول هو من فرض الشروط هذه، وباعتقادي بداية السقوط القريب .
مبروك على عمرو الـ 700000 دولار الذي ” شفطها ” من أمام الأكثرية من الشعب اللبناني الذي جعلوا غالبيته تعتقد أن هذا المبلغ المدفوع له مردود كبير على السياحة لا على ” جيبة ” المتعهد .
ونأسف عليه، لأنه جَرَح بعمله كرامة الصحافة اللبنانية التي تأبى الّا التحليق فوق الهضبات كلها بحرّية وعزّة نفس.
ويؤسفنا أن يقع بعض دخلاء الصحافة في فخ استغباء وجودهم، والاستغناء عن كرامتهم!
Leave a Reply