.. ويعيشُ المُبدع – في عَتْي عجزه – لسنوات في منزله العتيق من دون أن يطرق بابه صديق (يَبّلُ له الريق ) ولا يحنّ لرؤيته “قلب رقيق” ، ولا يذكره رفيق حتى ” ولو مهما كان الظرف دقيق “، ولا يتحدّث عنه زميل تتلمَذ على يده وأمضى معه الكثير من مشّقات وتعثّرات الطريق، ولا يخطر على بال مَن كان يعتبره الخِلّ الوثيق!
فيمضي أوقاته بين ذكرياته، مَنسيًا بين الـ عائم والغريق، متنهّدًا، متحسّرًا مع كل زفير وشهيق على أيّام خَلَت، كانت كالجواهر والعقيق، فيسترجعها أحلامًا وردّية، آملًا من خُدرة عطرها .. ألّا يستفيق…!
وطالما يعاني بألمٍ من الغيرة التي لَعِبَت لعبتها وأدلَقَت عليه الأحقاد بالـ ” كوب والإبريق ” فيُضحي التجاهل لشخصه وإبداعه سمة يستقوي بها الجميع (حتى الشقيقة والشقيق)…!
وتَكرجُ به الأيام على جَمر وحريق، مُفرغةً جَرّة العُمر من كلّ حلوٍ وطيب ورحيق…!
ويَغيب – هذا المُبدع – بعد صراع ” عَجزيّ “مرير ..وبعد قَهر وحزن وضيق…
فتتعالى الأصوات عندها، ( أي بعد وفاته ) مُستغبنَة غيابه ، تَنعيهِ بعبارات ( ما كتبها يومًا فلاسفة الإغريق ) ولا أبدعَ في فصاحتها أي ” لسوانجيّ ” ( صاحب لسان ) طليق، يستذكرونه بمكارم وصفات يستجلبون معانيها ورصفها من حضارات دول البلطيق، ويُأبنونه بأشعار حِدَاء من الوَزن الثقيل والعميق… مُتظاهرين بمَحَبّتهم، مُتحسّرين على خسارته”من فَجّ وغميق”…
فهذه المَحبّة الجامحة، لو كان كاتبوها يعيشونها ( عن حقّ وحقيق ) لِمَا عاش مُبدعنا جريحًا، باكيًا، مخزولًا، تنقر فروة رأسه غربان الأسف وتُفرغ في بَهوة دماغه ما عندها من نعيق…
Leave a Reply