وسطَ الصَخْبِ المَهْووس والمَشْموس ، وبقايا تفاهة الذّوقِ المَمْسوسِ والمَدهُوسِ كالمكدوس الذي مرّّروه لشبابِنا مع زَفّة رقصٍ بالسيُوفِ والتروس.
لم نَجِد في هذا الفَنِّ الهابطِ وَصفًا لضُعفهِ لا في العُرفِ ولا الشّرعِ ولا حتّى في القاموس. لكأن قَدرَنا باتَ مع هذا الجيلِ الغِنائي، يجبرُنا على مشاهدة الغراب يزهو بسوادِه على “تلوينَة” الطاووس، ويُنسينا “بروجِكتور” فنّنا المُشعّ أمام “شَحتَرة القَنديل” و “شحّةِ” ضوءِ الفانوس.
فهذا الذي يُسمّونه فنًا، في يومنا هذا، أصبح “مسخرةً ” يتنافى بمقاييسه مع كل ما هو شفّافٌ ومحسوس، خصوصًا حينما نشاهد مع كل عشيّة، ولادةِ “مُصرّخٍ” جديدٍ “خَنفُوس” ، يتباهَى بشكلِه “المَمْعوس” وصوتِه “المَطموس” و”المَطلوس” بـ ” النشاز”، فيُملىءُ ساحاتنا وسهراتنا بصُراخِه المَنْحوس، ويهُدُّ حَيلنا حارقًا أعضابنا بألحانٍ مُستورَدةٍ من الصين والترك والروس وبلادِ الهندُوس، ظانّاً أنه بهذا التنّوع ستنالُ إعجابَ كافة المُعتقداتِ والطقُوس. ويُقدّمها لنا على طاولاتنا في المطاعم أو في جلساتنا أمام الشاشات في الصالون أو في قاعاتِ الجلوس.
وعلى الرَّغمِ من أن هذا المحروس لا يملك أغنيةً واحدةً ، فتراهُ ناشطًا يدخل مع والدة العريس ويخرج مع والدة العروس، زاعقًا بصوتِه بِنَغماتٍ تَشِيبُ من قَرَفِها شعر الرؤوس.
فما ذَنبُنا نحنُ المساكين كي نلحسَ الموس، وتُملى علينا هذه الدروس من هذا الوضع الفنّي الميؤوس الذي جعل الفأر يعتلي ظهر الجاموس ،فنُجبرُ على الإستماعِ الى هؤلاء الـ “مُصرّخينَ” الذين يَقْهَوْنَ النفوس الذين يعتبرون أنَّ الصُراخَ هو أساسُ الفَنِّ الراقي لا المَدسوس..??!!
Leave a Reply