أطيب في الكلام وَقْعه.. وأطيب ما في اللحن نشوته..والأطيب من كليهما كل ما يبقى مترددًا من صدى طيّّب يسيخ كالشوكولا داخل الفم ( عفوًا داخل النفس )، وإلاّ لما كان للكلام ” طعم ” ولا للموسيقى لون.. ولا لهما أصلًا ” دفاتر شيكات وحسابات في ” بنك” المعنى والمفهومية.
فكافة أغنياتنا ” المْسوْكَجة” اليوم تعيش على ” الإبر المُسكِّجة” التي لا تغني عن موت، فعباراتها الـ بلا صوت المرصوفة كـ بلاط الرصيف أمام دكان السيد ” ابو ناصيف” تقف شكلًا كأعمال النافعة ” المش نافعة” في زمن الإعمار المنشود. فاقدة أي معنى للحياة ( حتى للجراذين والحيات) خالية من أي مقومات ومقوّيات تُسجّل على لائحة الخلود او تُنحت نحتًا على جلمود.
وألحاننا أيضًا لها هذه الهالة ” المُمَرمَغة” بوحل الطريق، القادمة زحفًا من رمال بحر البلطيق ومن أمام مجاري الست ” أم توفيق” ومحيط غرق سفينة التابتانيك حيث تنعدم عند ممزّكيها روحية الأصل العريق وجهبذة الفهيم العتيق. فجميعها تقطيع و” تلزيق” وسرقة و ” تنلفيق” اذ لا يستطع المرء معها أن يميّز بين الطراطيق التي تجري في خندق واحد عميق لتشابهها في التلحيم “و ” التزييق”.
ولو قُدّر لك وصادفتَ مُزعبرًا من هؤلاء “النشّالين” وسألته عن حق و “حقيق” عن هذا الـ “مش صحيح” ، فيعمل لك بالرز بَصَل ويتكلّم كـ بَطَل مُدّعيًا بعبقرية جَلَل وعزم لا يعرف الكَلَل ، جاعلًا من مواهبه ورشة عَمَل ، مَفرفطًا إنتاجه ورودًا في السلل ، فيقلب لك المقاييس من علقم الى عَسَل ، مجولًا الذئب الى حَمَل والجفاف الى بَلَل ، منقضًا، مهاجمًا، مدافعًا لا يعرف المَلَل ،ويصعد بحديثه معك من السفح الى قمة الجَبَل مُلخصًا فحوى عباراته بكلمات تضيع في وسطها الجُمَل ويبرك في تهشيمها الجَمَل.. واذا ” زَرَكته” بحقائق تبيّن فيها نوعية الخَلَل.. فبخرس أمامك كمَن أصابه الشَلَل أو كتلميذ مشبّع بالكَسَل ، فيتوه مفتشًا عن حجج وعِلَل متخلّصًا منك ان لم يسعفه الحظ بـ “التقبيج” والقُبَل واعدًا اياك على أمَل لتعود وتسمعه بعد فترة يردّد ما شَب عليه واكتَمَل ،متجاهلًا ما حَصَل وكأن شيئا لم يكن .. وليس على الكاذب من حَرج وخَجَل.
جريمة كبيرة بحق الفن.. يقترفها هؤلاء الدجالون الذين يطبّلون ويرصفون ويغنّون ما هو دون المستوى .. فيجب على القيمين أن يوقفوا هذه المهزلة والا شهب تنين السقوط سيحرق الجميع.
Leave a Reply